الكتاب : رباعيات الخيام
المؤلف : عمر الخيام
مصدر الكتاب : موقع الوراق
http://www.alwarraq.com [ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]
حرف الألف
كُلُّ ذَرَّاتِ هذهِ الأرْضِ كانَتْ ... أَوْجُهاً كَالشُّمُوسِ ذاتَ بَهَاءِ
أُجْلُ عَنْ وَجْهِكَ الغُبَارَ بِرِفْقٍ ... فَهْوَ خَذٌّ لِكَاعِبٍ حَسْنَاءِ
إِنَّ رُوحاً مِنْ عَالَمِ الطُّهْرِ جَاءَتْ ... لَكَ ضَيْفاً مَا التَاثَ بِالغَبْرَاءِ
إِسْقِها أَكْؤُسَ الصَّبوحِ صَباحاً ... قَبْلَ تَوْدِيعِهَا أَوَانَ المَسَاءِ
منْ تَحرَّى حَقِيقَةَ الدَّهْرِ أضْحَى ... عِنْدَهُ الحُزْنُ وَالسُرُورُ سَواءَ
إِنْ يَكُنْ حَادِثُ الزَّمَانِ سَيَفْنى ... فَلْيَكُنْ كُلُّهُ أَسىً أَوْ هناءَ
قالَتِ الْوَرْدَةُ لاَ ... خدَّ كَخَدِّي في البَهاءِ
فَإِلى مَ الظلْمُ مِمَّنْ ... يَبْتَغِي عَصْراً لِمَائِي
فأَجَابَ البُلْبُلُ الغِ ... رِّيدُ فِي لَحْنِ الغِنَاءِ
منْ يَكُنْ يَضْحَكُ يَوْمَاً ... يَقْضِ حَوْلاً بِالبُكَاءِ
لَيْسَ يُدْرَى بِمَنْطَقٍ وَقِيَاسٍ ... أَيَّ وَقْتٍ دَارَتْ بِهِ الزَّرْقَاءُ
أَوْ مَتى تُصْبِحُ السَّمَاءُ خَرَاباً ... فَتَدَاعَتْ وَانْهَدَّ مِنْهَا البِنَاءُ
دَعْ عَنْكَ حِرْصَ الوُجُودِ وَاهْنَأْ ... إِنْ أَحْسَنَ الدَّهْرُ أَوْ أَسَاءَ
وَاعْبَثْ بِشَعْرِ الحَبِيبِ وَاشْرَبْ ... فَالْعُمْرُ يَمْضِي غَداً هبَاءَ
إِنْ تَوَاعَدْتُمُ رِفاقِي لأُنْسٍ ... وَسَعِدْتُمُ بِالغَادَةِ الهَيْفَاءِ
وَأدَارَ السَاقِي كُؤُوسَ الحُمَيَّا ... فَاذْكُرُونِي فِي شُرْبِهَا بِالدُّعَاءِ
إِنْ تَلاقَيْتُمُ أَخِلايَ يَوْماً ... فَأَطِيلُوا ذِكْرَايَ عِنْدَ اللِّقَاءِ
وَإِذا مَا أَتَى لَدَى الشُّرْبِ دَوْرِي ... فَأَرِيقُوا كَأْسِي علَى الغَبْرَاءِ
إِنْ كُنْتَ لا تَفْنَى سِوَى مرَّةٍ ... فَافْنَ وَدَعْ هَذَا الأَسَى وَالشَّقَاءْ
وَكُنْ كَأَنْ لَمْ تَحْوِ ذَا الجِلْدَ أَوْ ... ذَا الدَّمَ وَاللَّحْمَ وَخَلِّ العَنَاءْ
قَدْ خَاطَبَ السَّمَكُ الأَوُزَّ مُنَادِياً ... سَيَعُودُ مَاءُ النَّهْرِ فَاصْفُ هَنَاءَ
فَأَجَابَ إِنْ نُصْبِحْ شِواءً فَلْتَكُ ال ... دُّنْيَا سَرَاباً بَعْدَنا أَو مَاءَ
مَا الكُونُ دَارُ إِقامَةٍ فَأَخُو النُهى ... أَوْلَى بِهِ أَنْ يُدْمِنَ الصَّهْباءَ
أَطْفِئْ بِمَاءِ الْكَرْمِ نِيرَانَ الأَسَى ... فَلَسَوْفَ تَذْهَبُ فِي الهَوَاءِ هَبَاءَ
طَالَ كَهَمِيّ عُمُرُ الْحَبِيبِ فَقَدْ ... أَوْلانِيَ الْيَوْمَ خَيْرَ نَعْمَاءِ
فَقَدْ رَنَا لِي وَمَرَّ يُومِئُ أَنْ : " أَحْسِنْ وَأَلْقِ الإِحْسَانَ فِي الْمَاءِ "
إِخْتَرْ بِدَهْرِكَ قِلَّةَ الرُّفَقَاءِ ... وَاصْحَبْ بَنِيهِ وَأَنتَ عَنْهُمْ نَاءِ
فَمَنْ اعْتَمَدْتَ عَلَيْهِ إِنْ تَنْظُرْهُ فِيعَيْنِ الْبَصِيرَةِ أَعْظَمُ الأَعْدَاءِ
لاتَنْظُرَنَّ إِلَى الْفَتَى وَفُنُونِهِ ... وَانْظُرْ لِحِفْظِ عُهُودِهِ وَوَفَائِهِ
فَإِذا رَأَيْتَ الْمَرْءَ قَامَ بِعَهْدِهِ ... فَاحْسِبْهُ فَاقَ الكُلَّ فِي عَلْيَائِه
لَقَدْ آنَ الصَّبُوحُ فَقُمْ حَبِيبِي ... وَهَاتِ الرَّاحَ وَاشْرَعْ بِالغِنَاءِ
فَكَمْ " جِمْشِيدَ أَرْدَى أَوْ " قُبَادٍ ... مَجِيءُ الْصَيْفِ أَوْ مَرُّ الشِّتاء
مَا شَهِدَ النَّارَ وَالْجِنَانَ فَتىً ... أَيُّ امْرِئٍ مِنْ هُنَاكَ قَدْ جَاء
لَمْ نَرَ مِمَّا نَرْجُو وَنَحْذَرُهُ ... إِلاَّ صِفَاتٍ تُحْكَى وَأَسْمَاء
(1/1)
إِنْ تَجُدْ لِي بِالْعَفْوِ لَمْ أَخْشَ ذَنْباًأَوْ تَهَبْ لِي زَاداً أَمِنْتُ الْعَنَاءَ
أَوْ تُبَيِّضْ بِالْعَفْوِ وَجْهِي فَإِنِّي ... لَسْتُ أَخْشَى صَحِيفَتِي الْسَّوْدَاءَ
حرف الباء
قَدِ انْطَوَى سِفْرُ الشَبَابِ وَاغْتَدَى ... رَبِيعُ أَفْرَاحِي شِتَاءً مُجْدِبا
لَهَفِي لِطَيْرٍ كَانَ يُدْعَى بِالصِبَا ... مَتَى أَتَى وَأَيَّ وَقْتٍ ذَهَبَا
إِلهِي قُلْ لِي مَنْ خَلا مِنْ خَطِيئَةٍوَكَيْفَ تُرَى عَاشَ الْبَرِيءُ مِنَ الذَّنْبِ
إِذَا كُنْتَ تُجْزِي الذَّنْبَ مِنِّي بِمِثْلِهِفَمَا الْفَرْقُ مَا بَيْنِي وَبَينَكَ يَا رَبِّي
يَا بَاقِياً رَهْنَ الرِّياءِ وَرَائِحَاً ... لِقَصِيرِ عَيْشِكَ فِي عَنَاءٍ مُتْعِبِ
أَتَقُولُ أَيْنَ تَرُوحُ مِنْ بَعْدِ الرَّدَىهَاتِ المُدَامَ وَأَيْنَ مَا شِئْتَ اذْهَبِ
رَأَيْتُ فِي النَوْمِ ذَا عَقْلٍ يَقُولُ أَلالا يَجْنِيَنَّ الْفَتَى مِنْ نَوْمِهِ طَرَبَا
حَتَّى مَ تَرْقُدُ كَالمَوْتَى فَقُمْ عَجِلاًفَسَوْفَ تَهْجَعُ فِي جَوْفِ الثَّرَى حُقُبَا
غَدَوْنَا لِذِي الأَفْلاكِ أَلْعَابَ لاعِبٍ ... أَقُولُ مَقَالاً لَسْتُ فِيهِ بِكَاذِبِ
عَلَى نَطْعِ هَذَا الْكَوْنِ قَدْ لَعِبَتْ بِنَاوَعُدْنا لِصَنْدُوقِ الْفَنَا بِالتَّعَاقُبِ
أَوَّلُ دَفْتَرِ المَعَانِي الهَوَى ... وَإِنَّهُ بَيْتُ قَصِيدِ الشَّبَابْ
يَا جَاهِلاً مَعْنَى الهَوَى إِنَّمَا ... مَعْنَى الحَيَاةِ الْحُبُّ وَالانْجِذَابْ
إِنْ تَحْلُ لَدَى الرَّبِيعِ كَفُّ السُحْب ... حَدَّ الأَزْهَارِ فَابْتَدِرْ لِلشُرْبِ
فَالْيَوْم يدِي الرَّوْضَةِ تَرْتَاحُ وَمِنْ ... ذَرَّاتِك سَوْفَ تَزْدَهِي بِالعُشْبِ
تَزْدَادُ حَيْرَةُ عَقْلِي كلَّ دَاجِيَةٍوَالدَّمْعُ حَوْلِيَ مِثْلَ الدُّرِّ مَسْكُوبُ
لا يَمْتَلِي جَامُ رَأْسِي مِنْ وَسَاوِسِهِ ... وَلَيْسَ يُمْلأُ جَامٌ وَهُوَ مَقْلُوبُ
قَدْ حَظِينَا بِالغِنَا وَالرَاحِ فِي الدَّارِ الْخَرَابوَفَرَغْنَا مِنْ مُنَى الرَّحْمَةِ أَوْ خَوْفِ الْعِقَابْ
وَسَمَوْنَا ثَمَّ عَنْ مَاءٍ وَنَارٍ وَتُرَابْفَالكِسَا وَالكَأْسُ وَالعَقْلُ مَعاً رَهْنُ الشَّرَابْ
أَمَا تَرَى الأَزْهَارَ فِيهَا عَبِثَتْ يَدُ الصَّبَاوَمِنْ جَمَالِهَا غَدَا الْبُلْبُلُ يَشْدُو طَرَبَا
فَبَادِرِ الزَّهْرَ وَدَعْ عَنْكَ الأَسَى وَالكُرَبَافَهَذِهِ الأَزْهَارُ كَمْ زَهَتْ وَكَمْ عَادَتْ هَبَا
قَالَ قَوْمٌ أَطْيبَ الْحُورَ فِي الجَنَّ ... ةِ قُلْتُ الْمُدَامُ عِنْدِيَ أَطْيَبْ
فَاغْنَمِ النَّقْدَ وَاتْرُكِ الدَّيْنَ وَاعْلَمْ أَنَّ صَوْتَ الطُّبُولِ فِي البُعْدِ أَعْذَبْ
إِنْ تَشْرَبِ المُدَامَ أُسْبُوعاً فَلا ... تَدَعْ لَدَى الجُمْعَةِ قُدْساً شُرْبَهَا
أَلسَبْتُ وَالجُمْعَةُ عِنْدِي اسْتَوَيَا ... لا تَعْبُدِ الأَيَّامَ وَاعْبُدْ رَبَّهَا
هَذَا أَوَانُ الصَّبُوحِ وَالطَّرَبِ ... وَنَحْنُ وَالْحَانُ وَابْنَةُ العِنَبِ
أُصْمُتْ نَدِيمِي هَلْ ذَا مَحَلٌّ تُقىً ... وَاشْرَبْ وَخَلِّ الْحَدِيثَ وَاجْتَنِبِ
لَمْ أَشْرَبِ الرَّاحَ لأَجْلِ الطَّرَبِ ... أَوْ تَرْكِ دِينِي وَاطِّرَاحِ الأَدَبِ
رُمْتُ الحَيَاةَ دُونَ عَقْلٍ لَحْظةً ... فَهِمْتُ بِالسُّكْرِ لِهَذَا السَّبَبِ
لا عِشْتُ إِلاَّ بِالغَوَانِي مُغْرَماً ... وَعَلَى يَدِي تِبْرُ المُدَامِ الذَّائِبُ
قَالُوا سَيَقْبَلُ مِنْكَ رَبُّكَ تَوْبَةً ... لا اللَّهُ قَابِلُهَا وَلا أَنَا تَائِبُ
لا تَتُبْ قَطُّ عَنِ الرَّاحِ فَكَمْ ... تَوْبَةٍ مِنْهَا يَتُوبُ التَّائِبُ
(1/2)
قَدْ شَدَا الْبُلْبُلُ وَالْوَرْدُ رَهَا ... أَبِذَا الْوَقْتِ يَتُوبُ الشَّارِبُ ؟
نَفْسِي تَمِيلُ إِلَى الْحُمَيَّا دَائِماً ... وَالسَمْعُ يَهْوَى مِعْزَفاً وَرَبَابَا
إِنْ يَصْنَعُوا كُوْزاً ثَرَايَ فَلَيْتَهُمْأَنْ يَمْلَئوهُ مَدَى الزَّمَانِ شَرَابَا
مَا خَلَقَ اللَّهُ رَاحَةً وَهَنَا ... إِلاَّ لِمَنْ عَاشَ مُفْرَداً عَزَبَا
مَنْ تَرَكَ الانْفِرَادَ وَاقْتَرَنَا ... فَقَدْ جَنَى بَعْدَ رَاحَةٍ تَعَبَا
أَتَى بِي لِهَذا الْكَونِ مُضْطَرِباً فَلم ... تَزِدْ لِيَ إلاَّ حَيْرَةٌ وَتَعَجُّبُ
وَعُدْتُ عَلَى كُرْهٍ وَلَمْ أَدْرِ أَنَّنيلِمَاذَا أَتَيْتُ الْكَوْنَ أَوْ فِيمَ أَذْهَبُ
كُلَّ يَوْمٍ أَنْوِي الْمَتَابَ إِذَا مَا ... جَاءَنِي الْلَّيْلُ عَنْ كُؤُوسِ الشَّرَابِ
فَأَتَانِي فَصْلُ الزُّهُورِ وَإِنِّي ... فِيْهِ يَا رَبِّ تَائِبٌ عَنْ مَتَابِي
مَا زَالَ ظِلٌّ عَلَى الأَزْهَارِ لِلسُّحُبوَلَمْ يَزَلْ بِيَ مَيْلٌ لابْنَةِ الْعِنَبِ
فَلا تَنَمْ لَيْسَ ذَا وَقْتَ الْكَرَى وَأَدِرْكَأْساً حَبِيبِي فَإِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغِبِ
لِمَاذَا غَدَاةَ الرَّبُّ رَكَّبَ هّذِهِ الْعَنَاصِرَ لَمْ يُحْكِمْ تَنَاسُبَهَا الرَّبُّ
إِذَا رَاقَ مَبْنَاهَا فَفِيمَ خَرَابُهَاوَإِنْ لَمْ تَرُقْ مَبْنىً فَمِّمَنْ أَتَى الْعَيْبُ
وَجَامٍ يَرُوقُ الْعَقْلُ لُطْفاً وَرِقَّةًوَيَهْفُو عَلَيْهِ الْقَلْبُ مِنْ شِدَّةِ الْحُبِّ
تَفَنَّنَ خَزَّافُ الْوُجُودِ بِصُنْعِهِوَيَكْسِرُهُ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ عَلَى التُّرْبِ
كَمْ لِلَّذِي بَسَطَ الثَرَى وَبَنَى السَّمَا ... مِنْ لَوْعَةٍ بِقُلُوبِنَا وَعَذَابُ
كَمْ مِنْ شِفَاهٍ كَالْعَقِيقِ وَطُرَّةٍ ... كَالْمِسْكِ أَوْدَعَهَا حِقَاقَ تُرَابِ
أُنْظُرْ حِسَابَكَ مَا أَتَيْتَ بِهِ وَمَا ... تَغْدُو بِهِ مِنْ بَعْدُ مَهْمَا تَذْهَبِ
أَتَقُولُ لا أَحْسُو الطِّلا خَوْفَ الرَّدَىسَتَمُوتُ إِنْ تَشْرَبْ وَإِنْ لَمْ تَشْرَبِ
كَمْ سِرْتُ طِفْلاً لِتَحْصِيلِ الْعُلُومِ وَكَمْأَصْبَحْتُ بَعْدُ بِتَدْرِيسِي لَهَا طَرِبَا
فَاسْمَعْ خِتَامَ حَدِيثِي مَا بَلَغْتُ سِوَىأَنِّي بُدِئْتُ تُرَاباً ثُمَّ عُدْتُ هَبَا
أَلا ارْحَمْ يَا إِلَهِي لِيَ فُؤَاداً ... مِنَ الأَشْجَانِ أَمْسَى فِي عَذَابِ
وَرِجْلاً بِي سَعَتْ لِلْحَانِ قِدْماً ... وَكَفّاً أَمْسَكَتْ قَدَحَ الشَّرَابِ
حرف التاء
إِجْعَلُوا قُوْتِي الطِّلا وَأَحِيلُوا ... كَهْرُبَاءَ الْخُدُودِ لِلْيَاقُوتِ
وَإِذَا مُتُّ فَاجْعَلُوا الرَّاحَ غُسْلِي ... وَمِنَ الْكَرْمِ فَاصْنَعُوا تَابُوتِي
يَقُولُ الْمُتَّقُونَ غَداً سَتَحْيَى ... عَلَى مَا كُنْتَ فِي هَذِي الحَيَاةِ
لِذَا اخْتَرْتُ الْحَبِيبَةَ وَالحُمَيَّا ... لأُحْشَرَ هَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ
جَاءَ مِنْ حَانِنَا النِّدَاءُ سُحَيْراً ... يَا خَلِيعاً قَدْ هَامَ بِالْحَانَاتِ
قُمْ لِكَيْ نَمْلأَ الْكُؤُوْسَ مُدَاماً ... قَبْلَ أَنْ تَمْتَلِي كُؤُوْسَ الْحَيَاةِ
هَبِ الدُّنْيَا كَمَا تَهْوَاهُ كَانَتْ ... وَكُنْتَ قَرَأْتَ أَسْفَارَ الْحَيَاةِ
وَهَبْكَ بَلَغْتَهَا مِئَتَيْنِ حَوْلا ... فَمَاذَا بَعْدَ ذَاكَ سِوَى الْمَمَاتِ
أَلْبَدْرُ شَقَّ بِنُورِهِ جَيْبَ الدُّجَى ... فَاشْرَبْ فَلَنْ تَلْقَى كَذِي الأَوْقَاتِ
وَاهْنَأْ وَلا تَأْمَنْ فَهَذَا الْبَدْرُ كَمْ ... سَيُضِيءُ فَوْقَ ثَرَى لَنَا وَرُفَاتِ
إِنْ نِلْتُ مِنْ حِنْطَةٍ رَغِيفاً ... وَكُوْزَ خَمْرٍ وَفَخْذَ شَاةِ
(1/3)
وَكَانَ إِلْفِي مَعِي بِقَفْرٍ ... فُقْتُ بِذَا عِيشَةَ الْوُلاةِ
مَنْ نَالَ ذَرَّةَ عَقْلٍ عَادَ مُنْتَبِهافَلَمْ يُضِعْ مِنْ ثَمِينِ الْعُمْرِ لَحْظَتَهُ
إِمَّا سَعَى لِرِضَاءِ اللَّهِ مُجْتَهِداًأَوْ عَبَّ كَأَسَ الطِّلا وَاخْتَارَ رَاحَتَهُ
مَا اسْطَعْتَ كُنْ لِبَنِي الْخَلاعَةِ تَابِعوَاهْدِمْ بِنَاءَ الصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ
وَاسْمَعْ عَنِ الْخَيَّامِ خَيْرَ مَقَالَةٍإِشْرَبْ وَغَنِّ وَسِرْ إِلَى الْخَيْرَاتِ
أُحْسُ الطِّلا عَنْكَ يَزُلْ هَمُّ الوَرَى ... وَقِلَّةُ الأُمُورِ أَوْ كَثْرَتُهَا
وَلا تُجَانِبْ كِيمْيَاءَ قَهْوَةٍ ... تُزِيلُ أَلْفَ عِلَّةٍ قَطْرَتُهَا
جُسُومُ ذَوِي هَذِي الْقُبُورِ تَحَلَّلَتْ ... فَبَيْنَ بُخَارٍ قَدْ عَلا وَرُفَاتِ
فَمَا هَذِهِ الرَّاحُ الَّتِي صَرَعَتْهُمُ ... وَلَمْ يَنْهَلُوا مِنْهَا سِوَى جُرُعَاتِ
هَلُمَّ حَبِيبِي نَتْرُكِ الْهَمَّ فِي غَدٍوَنَغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ قَبْلَ فَوَاتِ
سَنُزْمِعُ عَنْ ذِي الدَّارِ رِحْلَتَنَا غَداً ... بِسَبْعَةِ آلافٍ مِنَ السَّنَوَاتِ
مَنْ كَانَ نِصْفُ رَغِيفٍ فِي الْحَيَاةِ لَهُ ... وَمَسْكَنٌ فِيهِ مَثْوَاهُ وَرَاحَتُهُ
لَمْ يَغْدُ سَيِّدَ شَخْصٍ أَوْ غُلامَ فَتىً ... فَهَنِّهِ فَلَقَدْ رَاقَتْ مَعِيشَتُهُ
إِلَى الْحَانِ أَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ مُبَكِّراًوَأَصْحَبُ فِيهِ ثَمَّ أَهْلَ الْخَلاعَاتِ
فَيَا عَالِمَ الأَسْرَارِ هَبْنِي هِدَايَةَوَرُشْداً لأَغْدُو لِلدُّعَا وَالْمُنَاجَاةِ
لا تَحْسَبَنِّيَ جِئْتُ مِنْ نَفْسِي وَلاقَطَعْتُ وَحْدِي ذَا الطَّرِيقَ المُعَنِّتَا
إِنْ يَكُ مِنْهُ جَوْهَرِي وَمَنْشَئِي ... فَمَنْ أَنَا وَأَيْنَ كُنْتُ وَمَتَى
كُنْ كَالشَّقَائِقِ مُمْسِكاً كَأْساً لَدَى الن؟يْرُوزِ مَعْ وَرْدِيَّةِ الْوَجْنَاتِ
وَاشْرَبْ فَإِنَّكَ سَوْفَ تُصْبِحُ كَالثَّرَىضَعَةً بِسَيرِ الدَّهْرِ ذِي النَّكَبَاتِ
أَلْيَوْمُ يَوْمُ صِبَايَ فَلأشْرَبْ بِهِ ... كَأْسَ الشَّرَابِ وَأَجْتَنِي لَذَّاتِي
لاتُزْرِ فِيهِ لَئِنْ يَمَرَّ فَقَدْ حَلا ... لا غَزْوَ إِنْ يَكُ مَرَّ فَهُوَ حَيَاتِي
أَحْسُو الْمُدَامَ وَلا أُعَرْبِدُ قَطُّ أَوْ ... كَفِّي تُمَدُّ لِمَا عَدَا الْكَاسَاتِ
تَدْرِي لِمَا اخْتَرْتُ الطِّلا ؟ كَيْلا أَرَىيَا صَاحِ مِثْلَكَ مُوْلَعاً فِي ذَاتِي
إِنَّ بَدْرِي يَلُوحُ فِي كُلِّ شَكْلِ ... حَيَوَاناً طَوْراً وَطَوْراً نَبَاتاً
لا تَخَلْهُ يَزُولُ هَيْهَاتَ فَالْمَوْ ... صُوفُ إِنْ يَفْنَ وَصْفُهُ يَبْقَ ذَاتَا
يَا عَالِماً بِجَمِيعِ أَسْرَارِ الْوَرَى ... وَنَصِيرَهُمْ فِي الْعَجْزِ وَالْكُرُبَاتِ
كُنْ قَابِلاً عُذْرِي إِلَيكَ وَتَوْبَتِي ... يَا قَابِلَ الأَعْذَارِ وَالتَّوْبَاتِ
حرف الجيم
يَا زُبْدَةَ الْخِلاَّنِ خُذْ نُصْحِي وَلاَ ... تُصْبِحْ مِنَ الدُّنْيَا بِهَمٍّ مُزْعِجِ
وَاجْلُسْ بِزَاوِيَةِ اعْتِزَالِكَ وَانْظُرَنْأَلْعَابَ دَهْرِكَ نَظْرَةَ الْمُتَفَرِّجِ
قُمْ قَبْلَ غَارَةِ الأَسَى مُكِّراً ... وَادْعُ بِهَا وَرْدِيَّة تَجْلُو الدُّجَى
فَلَسْتَ يَا هَذَا الْغَبِيّ عَسْجَداً ... حَتَّى تُوَارَى فِي الثَّرَى وَتُخْرَجَا
حرف الحاء
إِنَّ ذَاكَ الْقَصْرَ الَّذِي ضَمَّ جَمْشِي؟ ... ؟دَ وَفِيهِ تَنَاوَلَ الأَقْدَاحَا
وَلَدَتْ ظَبْيَةُ الْفَلا خِشْفَهَا فِي؟ ... ؟هِ وَأَمْسَى إِلَى ابْنِ آوَى مَرَاحَا
يَا لَبَهْرَامَ كَيْفَ كَانَ يَصِيدُ الْ؟ ... وَحْشَ مِنْ قَبْلُ غُدْوَةً وَرَوَاحَا
(1/4)
فَانْظُرِ الآنَ كَيْفَ قَدْ صَادَهُ الْقَبْ؟ ... ؟رُ وَأَمْسَى لا يَسْتَطِيعُ بَرَاحَا
نَحْنُ يَا مُفْتِيَ الْوَرَى مِنْكَ أَدْرَىلَمْ تُزِلْ عَقْلَنَا مَدَى السُّكْرِ رَاحُ
أَنْتَ تَحْسُو دَمَ الأَنَامِ وَنَحْسُو ... دَمَ كَرْمِ فَأَيُّنَا السَّفَاحُ
إِلَى مَ تُعَانِي لِلْمُقَدَّرِ مِحْنَةًوَمِنْ بَاطِلِ الأَفْكَارِ تُمْسِي بِأَتْرَاحِ
فَعِشْ فِي سُرُورً وَاقْضِ دَهْرَكَ بِالْهَنَافَلَمْ يَكِلُوا أَمْرَ الْقَضَا لَكَ يَا صَاحِ
نَعَمْ أَنَا مِنْ رَاحِ الْمَجُوْسِ بِنَشْوَةٍوَصَبٌّ خَلِيْعٌ لَمْ أَزَلْ مُدْمِنَ الرَّاحِ
يَرَى كُلُّ حِزْبٍ فِيَّ رَأْياً وَمَذْهَباًوَإِنِّي لِنَفْسِي كَيْفَمَا كُنْتُ يَا صَاحِ
دَعَى لِلصَّبُوْحِ مَلِيكُ النَّهَارِ ... وَلاَحَ سَنَا الْفَجْرِ فَوْقَ السُّطُوْحِ
وَنَادَى مُنَادِي الأُلَى بَكَّرُوا ... أَلا فَاشْرَبُوا آنَ وَقْتُ الًصَّبُوْحِ
أَلْفَجْرُ لاَحَ فَقُمْ لَنَا يَا صَاحِ ... وَامْلأْ زُجَاجَكَ مِنْ عَقِيقِ الرَّاحِ
َزَمَانُ أُنْسِكَ إِنْ يَفُتْ لَمْ تَلْقَهُ ... وَتَظَلُّ تَنْشُدُ سَاعَةَ الأَفْرَاحِ
لاَ تَغْرِسَنَّ الْحَشَا غَرْسَ التَّرَحْوَاقْرَأْ حَيِيْتَ دَائِماً سِفْرَ الْفَرَحْ
وَعَاقِرِ الرَّاحَ وَنَلْ أَقْصَى الْمُنَى ... فَالْعُمْرُ مَا أَقْصَرَهُ كَمَا اتَّضَحْ
بَادِرْ فَسَوْفَ تَعُوْدُ أَدْرَاجَ الْفَنَاوَسَتَتْرُكُ الْجُثْمَانَ مِنْكَ الرُّوْحُ
وَاشْرَبْ وَعِشْ جَذِلاً فَلَسْتَ بِعَالِمٍمِنْ أَيْنَ جِئْتَ وَأَيْنَ بَعْدُ تَرُوْحُ
لِلصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ مِلْتُ تَنَسُّكاً ... فَتَيَقَّنَتْ نَفْسِي غَداً بِنَجَاحِي
أَسَفاً فَقَدْ نُقِدَ الْوُضُوءُ بِنَسْمَةٍ ... وَالصَّوْمُ زَالَ بِنِصْفِ جُرْعَةِ رَاحِ
؟إِشْرَبِ الرَّاحَ فَهِيَ رُوْحُ الرُّوْحِ بَلْسَمُ النَّفْسِ وَالْحَشَا الْمَجْرُوْحِ
وَإِذَا مَا دَهَاكَ طُوْفَانُ هَمٍّ ... فَانْجُ فِيْهَا فَذِي سَفِينَةُ نُوْحِ
حرف الخاء
إِذَا العُمْرُ يَمْضِي فَلْيَرُقْ لِيَ أَوْ يَسُؤوَسَيَّانِ إِنْ أَهْلِكَ بِبَغْدَادَ أَوْ بَلْخِ
فَقُمْ وَاحْسُهَا فَالشَّهْرُ كَمْ بَعْدَ سَلْخِهِإِلَى غُرَّةٍ يَمْضِي وَمِنْهَا إِلَى سَلْخِ
حرف الدال
لاَ يُوْرِثُ الدَّهْرُ إِلاَّ الْهَمَّ وَالْكَمَدَاوَالْيَوْمَ إِنْ يُعْطِ شَيْئاً يَسْتَلِبْهُ غَدَا
مَنْ لَمْ يَجِيْئُوا لِهَذَا الدَّهْرِ لَوْ عَلِمُوامَاذَا نُكَابِدُ مِنْهُ مَا أَتَوْا أَبَدَا
إِنْ لَمْ يَكُنْ حَظُّ الْفَتَى فِي دَهْرِهِإِلاَّ الرَّدَى وَمَرَارَةَ الْعَيْشِ الرَّدِي
سَعِدَ الَّذِي لَمْ يَحْيَى فِيْهِ لَحْظَةَحَقاً وَأَسْعَدُ مِنْهُ مَنْ لَمْ يُوْلَدِ
لَثِمْتُ مِنْ جَرَّةِ الصَّهْبَاءِ مَرْشَفَهَاحِرْصاً لأَسْأَلَ مِنْهَا عِيشَةَ الأَبَدِ
فَقَابَلَتْ شَفَتِي بِالْلَّثْمِ قَائِلَةًسِراً أَلاَ اشْرَبْ فَإمَّا رُحْتَ لَمْ تَعد
أَتْرِعْ كُئوسَكَ فَالصَّبَاحُ قَدِ انْجَلَى ... رَاحَا لَهَا يَغْدُو الْعَقِيقُ حَسُودَا
وَهَلُمَّ بِالْعُودَيْنِ وَاكْتَمِلِ الْهَنَا ... وَقِّعْ عَلَى عُوْدٍ وَأَحْرِقْ عُوْدَا
إِرْتَشِفْهَا فَذَا لَعَمْرِي الْخُلُودُ ... فِيهِ تَمْتَازُ لِلشَّبَابِ عُهُودُ
ذَا أَوَانُ الأَزْهَارِ وَالرَّاحِ وَالصُّحْ؟بُ نَشَاوَى فَاهْنَأْ فَهَذَا الْوُجُودُ
أَلْعِيدُ جَاءَ فَسَوفَ يُصْلِحُ أَمْرَنَا ... وَالرَّاحُ لِلإِبْرِيقِ سَوفَ تَعُودُ
وَيَفُكُّ عَنْ هَذِي الْحَمِيرِ لِجَامَهَا ... بِالصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ هَذَا الْعِيْدُ
لَيْسَ لِذَا الْعَالَمِ ابْتِدَاءٌ ... يَبْدُو وَلاَ غَايَةٌ وَحَدُّ
وَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَقُولُ حَقّاً ... مِنْ أَيْنَ جِئْنَا وَأَيْنَ نَغْدُو
(1/5)
إِنْ لَمْ يُطِقْ أَحَدٌ مِنَّا ضَمَانَ غَدفَطِبْ بِذَا الْوَقْتِ نَفْساً وَانْتَعِشْ كَبِدَا
وَاشْرَبْ عَلَى ضَوْءِ ذَا الْبَدْرِ الْمُنِيرِ فَكَميُضِيءُ بَعْدُ وَمِنَّا لاَ يَرَى أَحَدَا
لَئِنْ جَالَسْتَ مَنْ تَهْوَاهُ عُمْراً ... وَذُقْتَ جَمِيْعَ لَذَّاتِ الْوُجُوْدِ
فَسَوْفَ تُفَارِقُ الدُّنْيَا كَأَنَّ ... الَّذِي شَاهَدْتَ حُلْمٌ فِي هُجُوْدِ
لاَ تَخْشَ حَادِثَةَ الزَّمَانِ فَإِنَّهَا ... لَيْسَتْ بِدَائِمَةٍ عَلَيْنَا سَرْمَدَا
وَاغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ فِي طَرَبٍ وَلاَتَحْزَنْ عَلَى أَمْسٍ وَلاَ تَخْشَ الْغَدَا
عَادَ السَّحَابُ عَلَى الْخَمَائِلِ بَاكِياًفَالْعَيْشُ لاَ يَصْفُو بِدُونِ الصَّرْخَدِ
هَذِي الرِّيَاضُ الْيَوْمَ مُنْتَزَهٌ لَنَا ... فَلِمَنْ رِيَاضُ رُفَاتِنَا هِيَ فِي غَدِ
أَرَى أُنَاساً عَلَى الْغَبْرَاءِ قَدْ هَجَدُواوَمَعْشَراً تَحْتَ أَطْبَاقِ الثَّرَى رَقَدُوا
وَإِنْ نَظَرْتُ لِصَحْرَاءِ الْفَنَاءِ أَرَىقَوْماً تَوَلَّوْا وَقَوْماً بَعْدُ لَمْ يَرِدُوا
إِجْلِسْ إِلَى الرَّاحِ تَبْلُغْ مُلْكَ مَحْمُوْدِوَأَصْغِ لِلْعُوْدِ تَسْمَعْ لَحْنَ دَاوُدِ
دَعْ ذِكْرَ مَا لَمْ يَجِيءْ أَوْ مَا أَتَى وَمَضَىوَالآنَ فَاهْنَأْ فَهَذَا خَيْرُ مَقْصُوْدِ
إِنَّ الأُلَى بَلَغُوا الْكَمَالَ وَأَصْبَحُوامَا بَيْنَ صَحْبِهِمُ سِرَاجَ النَّادِي
لَمْ يَكْشِفُوا حَلَكَ الدَّيَاجِي بَلْ حَكَواأُسْطُوْرَةً ثُمَّ انْثَنَوْا لِرُقَادِ
لَئِنْ سَقَانِي فِي فَصْلِ الرَّبِيعِ رَشاًفِي الرَّوْضِ كَأْساً دِهَاقاً تُنْعِشُ الْكَبِدَا
وَإِنْ يَكُن لَمْ يَرُقْ هَذَا الْمَقَالُ فَتي " فَالْكَلْبُ يَفْضُلُنِي إِنْ أَذْكُرِ الْخُلُدَا
يَا رَبِّ إِنَّكَ ذُو لُطْفٍ وَذُو كَرَمٍفَفِيمَ لاَ يَدْخُلَنَّ الْمُذْنِبُ الْخُلُدَا
مَا الْجُودُ إِعْطَاءُ دَارِ الْخُلْدِ مُتَّقِياًإِنَّ الْعَطَاءَ لأَصْحَابِ الذُّنُوبِ نَدَى
بِجَمِيلِ الآمَالِ أَفْنَيْتُ عُمْرِي ... دُونَ أَنْ أَبْلُغَنَّ يَوْماً مُرَادَا
أَنَا أَخْشَى أَنْ لاَ يُسَاعِدَنِي الْعُمْ؟ ... رُ لأَشْفِي مِنَ الزَّمَانِ الْفُؤَادَا
يَبُثُّكَ عَقْلٌ لِلسَّعَادَةِ طَالِبٌ ... مَدَى كُلّ يَومٍ نُصْحَهُ وَيُرَدِّدُ
أَلاَ اغْنَمْ قَصِيرَ الْعُمْرِ لَسْتَ بِنَبْتَةتَعُودُ فَتَنْمُو بَعْدَ مَا هِي تُحْصَدُ
أَلاَ إِنَّ مَنْ زَانُوا الْوُجُودَ بِخَلْقِهِمْأَتَوْا وَتَوَلَّوْا ثُمَّ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدُ
فَكَمْ فِي السَّمَا وَالأَرْضِ خَلْقٌ وَأَنْفُسٌتَجِيءُ لِهَذَا الْكَوْنِ مَا بَقِيَ الْفَرْدُ
دَعْ ذِكْرَ أَمْسٍ فَهُوَ قَدْ مَرَّ وَدَعْ ... ذِكْرَ غَدٍ فَإِنَّهُ مَا وَرَدَا
لاَ تُعْنَ فِيمَا لَمْ يَرِدْ وَمَا مَضَى ... وَاشْرَبْ لِئَلاَّ يَذْهَبَ الْعُمْرُ سُدَى
لَسْتُ لِدَيْرٍ صَالِحاً كَلاَّ وَلاَ لِمَسْجِدِأَللَّهُ أَدْرَى بِثَرىً كَوَّنَ مِنْهُ جَسَدِي
لاَ دِينَ أَوْ دُنْيَا وَلاَ أَرْجُو الْجِنَانَ فِي غَدٍكَمُوْمِسٍ دَمِيمَةٍ أَوْ كَفَقِيرٍ مُلْحِدِ
لِهَلاَكِنَا تَجْرِي السَّمَاءُ وَمَا لَهَا إِلاَّ اغْتِيَالُ نُفُوسِنَا مِنْ مَقْصَدِ
إِجْلِسْ بِزَاهِي الرَّوْضِ وَارْتَشِفِ الطَّلاَفَالرَّوْضُ يَنْبُتُ مِنْ ثَرَانَا فِي غَدِ
كَالمَاءِ فِي النَّهْرِ أَوْ كَالرِّيحِ وَسْطَ فَلاَالأَمْسُ مِنْ عُمُرِنَا وَلَّى وَلَمْ يَعُدِ
يَوْمَانِ مَا عِشْتُ لاَ أَعْنَى بِأَمْرِهِمَايَوْمٌ تَوَلَّى وَيَوْمٌ بَعْدُ لَمْ يَرِدِ
إِنَّ ذَاكَ الْقَصْرَ الَّذِي زَاحَمَ الْ؟ ... أُفُقَ وَخَرَّتْ لَهُ الْمُلُوكُ سُجُودَا
هَتَفَ الْوِرْقَ فِي ذُرَاهُ يُنَادِي ... أَيْنَ مَنْ صَيَّرُوا الْمُلُوكَ عَبِيدَا
(1/6)
أُقْطُفْ وَعَاقِرْ كَأْسَهَا مَعَ شَادِنٍ ... كَالسَّرْوِ قَداً وَالزُّهُورِ خُدُودَا
فَسَيَغْتَدِي كَالْوَرْدِ مِنْ كَفِّ الرَّدَى ... ثَوْبُ الْحَيَاةِ مُخَضَّباً مَقْدُودَا
مَا نَفَعَ الدَّهْرَ مَجِيئِي وَلاَ ... يَزِيدُهُ شَأْنَاً رَحِيلِي غَدَا
مَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ مِنْ قَائِلٍ ... مَا نَفْعُ ذَا الْعَيْشِ وَجَدْوَى الرَّدَى ؟
سُرُورُ حَشاً يَفُوقُ لَدَيَّ أَجْراً ... عَلَى تَعْمِيرِ أَنْحَاءِ الْوُجُودِ
وَجَعْلِ الْحُرِّ بِالإِحْسَانِ عَبْداً ... أَرَاهُ يَفُوقُ تَحْرِيرَ الْعَبِيدِ
لِلنَّجْمِ يَعْلُوْ زَفِيرِي كُلَّ دَاجِيَةٍوَسَيْلُ دَمْعِي يَمُدُّ الْبَحْرَ فِي مَدَدِ
قَدْ قُلْتَ لِي سَوْفَ نَحْسُو الرَّاحَ بَعْدَ غَدٍلَعَلَّ عُمُرِيَ لاَ يَمْتَدُّ بِي لِغَدِ
خَلِّ الْهَنَاءَ فَعُمُرُنَا نَفَسٌ وَمِنْ ... جَمْشِيدَ ذَرَّاتُ الثَّرَى وَقُبَادِ
لَيْسَ الْوُجُودُ وَعُمْرُنَا الْفَانِي سِوَى ... وَهْمٍ وَتَضْلِيلٍ وَحُلْمِ رُقَادِ
قَالَ شَيْخٌ لِمُومِسٍ " أَنْتِ سَكْرَى ... كُلَّ آنٍ بِصَاحِبٍ لَكِ وَجْدُ "
فَأَجَابَتْ " إِنِّي كَمَا قُلْتَ لَكِنْ ... أَنْتَ كَمَا لَدَى النَّاسِ تَبْدُو ؟ "
دَعْ كُلَّ قَلْبٍ لَمْ يُمَازِجْهُ الْهَوَى ... أَحَوَاهُ دَيْرٌ أَمْ حَوَاهُ مَسْجِدُ
وَبِدَفْتَرِ الْعُشَّاقِ مَنْ خُطَّ اسْمُهُ ... لَمْ يَعْنِهِ خُلْدٌ وَنَارٌ تُوقَدُ
يَا صَاحِبَ الدَّلِّ هَذَا الْفَجْرُ لاَحَ فَقُمْوَغَنِّ وَاشْرَبْ وأَطْفِئْ حُرْقَةَ الْكَبِدِ
فَمَنْ تَرَاهُمْ هُنَا لَنْ يَلْبَثُوا أَمَداًوَلَنْ يَعُودَ مِنَ الْمَاضِينَ مِنْ أَحَدِ
أَلْمَالُ إِنْ لَمْ يَغْدُ ذُخْرَ أُوْلِي النُّهَىفَالْفَاقِدُونَ لَهُ بِعَيْشٍ أَنْكَدِ
أَضْحَى الْبَنَفْسَجُ مُطْرِقاً مِنْ فَقْرِهِوَالْوَرْدُ يَضْحَكُ لاِقْتِنَاءِ الْعَسْجَدِ
كَانَ هَذَا الْكُوْزَ مِثْلِي عَاشِقاً ... وَالِهاً فِي صِدْغِ ظَبْيٍ أَغْيَدِ
وَأَرَى عُرْوَتَهُ كَانَتْ يَداً ... طَوَّقَتْ جِيدَ حَبِيبٍ أَجْيَدِ
تُسَائِلُنِي مَا هَذِهِ النَّفْسُ إِنْ أَقُلْحَقِيقَتَهَا يَضْفُو الْكَلامُ وَيَمْتَدُّ
هِيَ النَّفْسُ مِنْ بَحْرٍ بَدَتْ ثُمَّ إِنَّهَاتَغِيبُ بِذَاكَ الْبَحْرِ يَا صَاحِ مِنْ بَعْدُ
قَضَيْنَا وَلَمَّا نَقْضِ وَاأَسَفِي الْمُنَىوَمِنْجَلُ ذِي الزَّرْقَاءِ لَجَّ بِنَا حَصَدَا
فَلَهْفَاهُ مَا كِدْنَا لِنَفْتَحَ طَرْفَنَاإِلَى أَنْ فَنِينَا دُوْنَ أَنْ نُدْرِكَ الْقَصْدَا
أَيَا خَزَّافُ إِنْ تَشْعُرْ فَحَاذِرْ ... إِلَى مَ تُهِينُ أَنْتَ ثَرَى الْعِبَادِ
سَحَقْتَ بَنَانَ إِفْرِيدُونَ ظُلْماً ... وَدُسْتَ الْكَفَّ مِنْ كِسْرَى قُبَادِ
إِلَيْكَ نُصْحِي إِذَا مَا كُنْتَ مُسْتَمِعاًلاَ تَلْبِسَنْ ثَوْبَ تَدْلِيسٍ عَلَى الْجَسَدِ
الْعُمْرُ يَفْنَى وَعُقْبَى الْمَرْءِ دَائِمَةٌفَلاَ تَبِيعَنْ بِفَانٍ عِيشَةَ الأَبَدِ
قَدْ قِيلَ لِي رَمَضَانُ جَاءَ فَسَوْفَ لاَ ... تَسْطِيعُ رَشْفاً لاِبْنَةِ الْعُنْقُودِ
فَسَأَحْتَسِي بِخِتَامِ شَعْبَانَ الطِّلاَ ... عَلاَّ لِتَصْرَعَنِي لِيَوْمِ الْعِيدِ
خُذْ بِالسُّرُورِ فَكَمْ بِفِكْرِكَ فَكَّرُوابِالأَمْسِ دُونَ بُلُوغِ أَدْنَى مَقْصَدِ
وَانْعَمْ فَإِنَّهُمُ بِأَمْسٍ قَرَّرُوا ... لَكَ دُونَ أَنْ تَدْعُوهُمُ أَمْر الْغَدِ
يَا مَنْ تَوَلَّدَ مِنْ سَبْعٍ وَأَرْبَعَةٍ وَرَاحَ مِنْهَا يُعَانِي سَعْيَ مُجْتَهِدِ
إِشْرَبْ فَكَمْ لَكَ قَدْ كَرَّرْتُ مَوْعِظَتِيإِنْ رُحْتَ رُحْتَ وَلَمْ تَرْجِعْ وَلَم تَعُدِ
(1/7)
لاَ عَيشَ لِي بِسِوَى صَافِي الْمُدَامِ وَلاَأُطِيقُ حَمْلاً بِدُونِ الرَّاحِ لِلْجَسَدِ
مَا أَطْيَبَ السُّكْرَ وَالسَّاقِي يُنَاوِلُنِيكَأْساً وَتَعْجَزُ عَنْ أَخْذِ الْكُؤُوسِ يَدِي
حرف الرّاء
مَا لِلْبَقَا هَادٍ وَإِنْ يَكُ فَالطِّلاَوَالْكَأْسُ أَفْضَلِ مُرْشِدِ الْمُتَحَيِّرِ
الرَّاحُ مُؤْنِسَتِي فَلَيْسَ بِمُسْعِدِي ... مَاءُ الْحَيَاةِ وَلاَ حِيَاضُ الْكَوْثَرِ
خُذِ الْكُوزَ وَالأَقْدَاحَ يَا مُنْيَةَ الْحَشَاوَطُفْ بِهِمَا بِالرَّوْضِ فِي ضِفَّةِ النَّهْرِ
فَكَمْ قَدَّ هَذَا الدَّهْرُ مِنْ قَدِّ شَادِنٍكُئوساً وَإِبْرِيقاً لِصَافِيَةِ الْخَمْرِ
وَلَكَمْ شَرِبْتُ الرَّاحَ حَتَّى إنْ أَغِبْفِي الرَّمْسِ ضَاعَ مِنَ التُّرَابِ عَبِيْرُهَا
أَوْ مَرَّ مَخْمُورٌ عَلَى قَبْرِي انْتَشَامِنْهَا وَأَفْقَدَهُ النُّهَى تَأْثِيرُهَا
عَلاَمَ تَأْسَى لِلذَّنْبِ يَا عُمَرُ ... مَاذَا تُفِيدُ الْهُمُومُ وَالْفِكَرُ
لاَ عَفْوَ عَمَّنْ لَمْ يَجْنِ مَعْصِيَةً ... الْعَفْوُ عَمَّنْ عَصَى فَمَا الْحَذَرُ
إِلَى مَ بِهَذَا الْحِرْصِ تَقْضِي مَدَى الْعُمْروَتُصْبِحُ لِلإِثْرَاءِ وَالْفَقْرِ فِي فِكْرِ
أَلاَ اشْرَبْ فَعُمْرٌ سَوْفَ يُعْقِبُهُ الرَّدَىحَقِيقٌ بِأَنْ تَقْضِيهِ بِالنَّوْمِ وَالسُّكْرِ
مُذِ ازْدهَرَتْ بِالْبَدْرِ وَالزُّهْرَةِ السَّمَاإِلَى الآنَ لَمْ يُوْجَدْ أَلَذُّ مِنَ الْخَمْرِ
فَيَا عَجَبِي مِنْ بَائِعِ الرَّاحِ هَلْ يَرَىأَعَزَّ مِنَ الصَّهْبَاءِ إِنْ بَاعَهَا يَشْرِي
إِنَّ دِينِي الْهَنَا وَرَشْفُ الْحُمَيَّا ... وَابْتِعَادِي عَنْ كُلِّ دِينٍ وَكُفْرِ
قُلْتُ مَاذَا يَكُوْنُ مَهْرُ عَرُوْسِ الدَّ ... هْرِ قَالَتْ جَذْلاَنُ قَلْبِكَ مَهْرِي
كَانَ يَبْدُو قَبْلِي وَقَبْلَكَ صُنْجٌ ... وَدُجىً وَالسَّمَا تَدُورُ لأَمْرِ
طَأْ بِرِفْقٍ هَذَا التُّرَابَ فَقِدْمَا ... كَانَ إِنْسَانَ عَيْنِ ظَبْيٍ أَغَرِّ
إِنْ كُنْتُ قَبْلُ أَتَيْتُ الدُّنيا بِدُوْنِ اخْتِيَاروَسَوْفَ أَرْحَلُ حَتْماًعَنْهَا غَداً بِاضْطِرَارِ
فَقُمْ نَدِيمِي سَرِيعاًوَاعْقِدْ نِطَاقَ الإِزَارِفَسَوْفَ أَغْسِلُ هَمَّ الدُّنْيَا بِصَافِي الْعُقَارِ
عِشْ وَالْمُدَامَ بِضَفَّةِ النَّهْرِ ... وَدَعِ الْهُمُومَ بِجَانِبٍ تَجْرِي
يَوْمَانِ ذَا الْعُمْرُ الثَّمِينُ فَعِشْ ... طَلْقَ الْمُحَيَّا بَاسِمَ الثَّغْرِ
شَاهَدْتُ أَلْفَي جَرَّةٍ فِي مَعْمَلٍ ... تَدْعُو وَلَمْ تَفْتَحْ بِنُطْقٍ فَاهَا
فَإِذَا بِإِحْدَاهَا تُنَادِي أَيْنَ مَنْ ... صَنَعَ الْجِرَارَ وَبَاعَهَا وَشَرَاهَا
كَقَطْرَةٍ عَادَتْ إِلَى الْخِضَمِّ أَوْ ... كَذَرَّةٍ قَدْ رَجَعَتْ إِلَى الثَّرَى
أَتَيْتَ لِلدُّنْيَا وَعُدْتَ حَاكِياً ... ذُبَابَةً بَدَتْ وَغَابَتْ أَثَرَا
لَئِنْ عُمِّرْتَ صَاحِي أَلْفَ حَوْلٍ ... فَسَوْفَ تَعَافُ هَذِي الدَّارَ قَهْراً
وَإِنْ تَكُ سَائِلاً أَوْ رَبَّ تَاجٍ ... فَذَانِ غَداً سَيَسْتَوِيَانِ قَدْرَا
سَعَى لِقُصُوْرِ الْخُلْدِ وَالْحُوْرِ مَعْشَروَإِنَّ فَرِيقاً بِالْجُزَافِ قَدِ اغْتَرَّا
سَيَبْدُو لَهُمْ إِنْ يَنْجَلِ السِّتْرُ أَنَّهُمُ نَأَوا عَنْكَ أَقْصَىالنَّأْيِ فِي ذَلِكَ الْمَسْرَى
كُلُّ عُشْبٍ يَبْدُو بِضِفَّةِ نَهْرِ ... قَدْ نَمَا مِنْ شِفَاهِ ظَبْيٍ أَغَرِّ
لاَ تَطَأْ وَيْحَكَ النَّبَاتَ احْتِقَاراً ... فَهُوَ نَامٍ مِنْ مُزْهِرِ الْخَدِّ نَضْرِ
مَا بَيْنَ أُفْقٍ لاَ ظُهُوْرَ لِغَورِهِ ... إِشْرَبْ فَإِنَّ الدَّهْرَ لَجَّ بِجَورِهِ
وَاجْرَعْ بِدَوْرِكَ صَابِراً كَأْسَ الرَّدَى فَالْكُلُّ سَوْفَ يَذُوْقُهَا فِي دَوْرِهِ
(1/
لأَرْتَشِفُ الْمُدَامَةَ أَيَّ وَقْتٍ ... وَإِنْ يَكُ أَشْرَفَ الأَوْقَاتِ قَدْرَا
مَلأْتُ الدِّنَّ مِنْ عِنَبٍ حَلاَلٍ ... فَقُلْ لِلَّهِ لاَ يَجْعَلْهُ خَمْرَا
أَيَا فَلَكاً يَجْرِي بِبُؤْسِيَ خَلِّنِيفَلَسْتُ حَرِيّاً أَنْ تَسُوْمَنِي الأَسْرَا
إِذَا كُنْتَ تَهْوَى غَيْرَ حُرٍّ وَعَاقِلٍفَلَسْتُ كَمَا قَدْ خِلْتَنِي الْعَاقِلَ الْحُرَّا
أَلاَ لَيْتَ الثّوَاءَ يَكُوْنُ أَوْ أَنْ ... يَكُوْنَ لَنَا انْتِهَاءٌ فِي الْمَسِيرِ
وَلَيْتَ لَنَا وَإِنْ سَلَفَتْ قُرُوْنٌ ... رَجَاءً أَنْ سَنَنْبُتَ كَالزُّهُوْرِ
رَأَيْتُ فِي حَانَةٍ شَيْخاً فَقُلْتُ لَهُ : " أَلاَ تُخَبِّرُنَا عَمَّنْ مَضَوا خَبَرَا "
قَالَ : " ارْتَشِفْهَا فَكَمْ أَمْثَالُنَا رَحَلُواوَلَمْ يَعُودُوا وَلَمْ نَشْهَدْ لَهُمْ أَثَرَا
مَرَرْتُ بِمَعْمَلِ الْخَزَّافِ يَوْماً ... وَكَانَ يَجِدُّ فِي الْعَمَلِ الْخَطِيرِ
وَيَصْنَعُ لِلْجِرَارِ عُرىً ثَرَاهَا ... يَدُ الشَّحَّاذِ أَوْ رَأْسُ الأَمِيرِ
عَاطِنِي الرَّاحَ فَهْيَ قُوْتٌ لِنَفْسِي ... وَاسْقِنِيهَا وَإِنْ تَزِدْ فِي خَمَارِي
إِنَّ هَذِي الدُّنْيَا أَسَاطِيرُ وَهْمٍ ... وَخَيَالٍ وَالْعُمْرُ كَالرِّيحِ سَارِي
رَأَيْتُ فِي السُّوْقِ خَزَّافاً غَدَا دَئِباًيَدُوْسُ فِي الطِّيْنِ رَكْلاً غَيْرَ ذِي حَذَرِ
وَالطِّيْنُ يَدْعُوْ لِسَانُ الْحَالِ مِنْهُ أَلاَقَدْ كُنْتُ مِثْلَكَ فَارْفِقْ بِي وَلاَ تَجُرِ
قِيْلَ خُلْدٌ غَداً وَحُوْرٌ وَكَوْثَرْ ... أَنْهُرٌ مِنْ طِلاً وَشَهْدٍ وَسُكَّرْ
فَعَلَى ذِكْرِهَا أَدِرْ لِيَ كَأْساً ... إِنَّ نَقْداً مِنْ أَلْفِ دَيْنٍ لأَجْدَرْ
يَقُوْلُونَ حُوْرٌ فِي الْغَدَاةِ وَجَنَّةٌوَثَمَّةَ أَنْهَارٌ مِنَ الشَّهْدِ وَالْخَمْرِ
إِذَا اخْتَرْتُ حَوْرَاءً هُنَا وَمُدَامَةًفَمَا البَأْسُ فِي ذَا وَهُوَ عَاقِبَةُ الأَمْرِ
كَمْ فِتْنَةٍ قِدْماً أَثَارَ مِنَ الثَّرَى ... إِذْ كَوَّنَ الْبَارِي ثَرَايَ وَصَوَّرَا
أَنَا لاَ أُطِيقُ تَرَقِيَا عَمَّا أَنَا ... فِيهِ فَطِينِي أَفْرَغُوْهُ كَمَا تَرَى
فِيْمَ وَرَوْضُ سَعْدِكَ الْيَوْمَ زَهَى ... كَفُّكَ مِنْ كَأْسِ الْمُدَامِ تُصْفِرُ
إِشْرَبْ فَهَذَا الدَّهْرُ خَصْمٌ غَادِرٌ ... وَنَيْلُ مِثْلِ الْيَوْمِ سَوْفَ يَعْسُرُ
هَاتِ ذَؤُبَ الْعَقِيقِ وَسَطَ زُجَاجٍ ... هَاتِ خَيْرَ الْجَلِيسِ لِلأَحْرَارِ
إِنَّمَا عَالَمُ التُّرَابِ كَرِيحٍ ... يَنْقَضِي مُسْرِعاً فَجِئْ بِالْعُقَارِ
مَا تَصْنَعُ الأَفْلاَكُ يَوْماً طِيْنَةً ... إِلاَّ وَتَكْسِرُهَا وَتُرْجِعُهَا الثَّرَى
لَوْ كَانَ يَحْتَمِلُ السَّحَابُ ثَرىً غَدَالِنُشُوْرِنَا بِدَمِ الأَعِزَّةِ مُمْطِرَا
إِذَا كُنْتَ تَسْعَى فِي الْحَيَاةِ لِمَطْعَمٍإِلَى مَشْرَبٍ أَوْ مَلْبَسٍ فَلَكَ الْعُذْرُ
وَفِيمَا عَدَا هَاتِيكَ فَالسَّعْيُ ذَاهِبٌهَبَاءً فَحَاذِرْ أَوْ يَضِيعَ بِهِ الْعُمْرُ
غَسَلَ الرَّبِيعُ بِغَيْثِهِ الصَّحْرَاءَ وَالأَفْرَاحُ عَادَتْ لِلزَّمَانِ فَأَزْهَرَا
شَرْبَ وَمُخْضَرَّ الْعِذَارِ بِرَوْضَةٍلِتَسُرَّ مَنْ مِنْ رَمْسِهِ اخْضَرَّ الثَّرَى
مَتَى اقْتَلَعَتْ كَفُّ الْمَنِيَّةِ دَوْحَتِيوَعُدْتُ لَدَى أَقْدَامِهَا أَتَعَفَّرُ
فَلاَ تَصْنَعُوا طِينِي سِوَى كُوْزِ قَرْقَفٍعَسَى يَمْتَلِي بِالرَّاحِ يَوْماً فَأُنْشَرُ
لَمْ يَبْقَ مِنِّي فِي الدُّنْيَا سِوَى رَمَقٍوَلَيْسَ فِي الْيَدِ مِنْ صَحْبِي سِوَى الْكَدَرِ
لَمْ يَبْقَ لِي مِنْ طِلاَ أَمْسِ سِوَى قَدَحٍوَلَسْتُ أَعْلَمُ مَا الْبَاقِي مِنَ الْعُمُرِ
(1/9)
حَتَّى مَ ذِكْرُكَ لِلْجِنَانِ أَوْ الْجَحِيمِ الْمُسْعَرَهوَإِلَى مَتَى سُرُجُ الْمَسَاجِدِ أَوْ بُخُوْرُ الأَدْيِرَهْ
أُنْظُرْ إِلَى لَوْحِ الْقَضَاوَاسْتَجِلْ وَاقْرَأْ أَسْطُرَهْفَالْلَّهُ قِدْماً كُلَّمَاهُوَ كَائِنٌ قَدْ قَدَّرَهْ
كُلُّ شَوْكٍ يَدُوْسُهُ حَيَوَانُ ... كَانَ صِدْغاً أَوْ حَاجِباً لِغَرِيرِ
وَكَذَا الْلِّبْنُ فِي ذُرَى كَلِّ قَصْرٍ ... رَأْسُ مَلْكٍ أَوْ إِصْبَعٌ لِوَزِيرِ
لاَ تَغْضَبَنَّ عَلَى النَّشَاوَى وَالْتَزِمْحُسْنَ السُّلُوْكِ وَسِيرَةَ الأَخْيَارِ
وَاشْرَبْ فَلَسْتَ بِشُرْبِهَا أَوْ تَرْكِهَاتَرِدُ الْجِنَانَ وَأَنْتَ طُعْمَةُ نَارِ
أَخَافُ أَنْ لاَ أَعِيشَ بَعْدُ وَلاَ ... أُدْرِكَ جَمْعَ الرِّفَاقِ إِنْ حَضَرُوا
فَلْنَغْتَنِمْ لَحْظَةً نَعِيشُ بِهَا ... لَعَلَّ مِنْ بَعْدُ يَنْفَدُ الْعُمُرُ
قَالُوا أَلاَ إِنَّ النَّشَاوَى فِي لَظَى ... قَوْلٌ لَهُ عَقْلُ الْمُفَكِّرِ مُنْكِرُ
إِنْ كَانَ مَنْ يَهْوَى وَيَسْكَرُ فِي لَظَىسَتَرَى الْجِنَانَ كَرَاحَةِ الْيَدِ تُصْفِرُ
أَرَانِي مِنَ الصَّهْبَاءِ لَمْ أَصْحُ لَحْظَةًوَأَثْمَلُ حَتَّى إِنْ تَكُنْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ
أُعَانِقُ دِنّاً أَوْ أُقَبِّلُ أَكْؤُساً وَكَفِّي بِجِيدِ الْكُوْزِ تَبْقَى إِلَى الْفَجْرِ
وَشَيْخٌ بِنَوْمِ السُّكْرِ مُغْفٍ رَأَيْتُهُ ... وَلَمْ تَبْقَ فِيهِ فِطْنَةٌ وَشُعُوْرُ
حَسَاهَا وَأَغْفَى وَهُوَ نَشْوَانُ قَائِلاً ... إِلَهِي لَطِيفٌ بِالْعِبَادِ غَفُوْرُ
قَدْ قِيلَ لِي قَلِّلْ تَعَاطِي الْخَمْرِ ... بِأَيِّ عُذْرٍ لَمْ تَزَلْ فِي سُكْرِ
نُوْرُ الطِّلاَ عُذْرِي وَخَدُّ السَّاقِي ... فَهَلْ تَرَى أَوْضَحَ مِنْ ذَا الْعُذْرِ
إِنَّ أَجْرَامَ ذَا الرَّوَاقِ الْمُعَلَّى ... حَيَّرَتْ مِنْ ذَوِي النُّهَى الأَفْكَارَا
إِحْتَفِظْ فِي شَرِيفِ عَقْلِكَ وَأَنْظُرْ ... دَوْرَ هَذِي الْمُدَبِّرَاتِ حَيَارَى
قُمْ أَيُّهَا الشَّيْخُ الْلَّبِيبُ مُسَارِعاًوَانْظُرْ لِذَاكَ الطِّفْلِ يُذْرِي بِالثَّرَى
فَانْصَحْهُ أَنْ يُذْرِي بِرِفْقِ عَيْنَ بَرْوَيْزٍ وَمُخِّ قُبَادَ سُلْطَانِ الْوَرَى
لَمْ يَهْنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ سِوَى امْرِءٍعَرَفَ الْوُجُودَ بِخَيْرِهِ وَبِشَرِّهِ
أَوْ غَافِلٍ عَنْ نَفْسِهِ وَزَمَانِهِ ... لَمْ يَدْرِ مَا فِي نَفْسِهِ أَوْ دَهْرِهِ
هَلِ الْجَامُ مَهْمَا تَمَّ صُنْعاً وَدِقَّةًيَرَى كَسْرَهُ مَنْ كَانَ مُنْتَشِياً سُكْرَا
فَفِيمَ بَرَى الْخَلاَّقُ سَاقاً لَطِيفَةًوَرَأْساً وَكَفّاً ثُمَّ يَكْسِرُهَا كَسْرَا
لَوْ كَانَ لِي كَالْلَّهِ فِي فَلَكٍ يَدٌ ... لَمْ أُبْقِ لِلأَفْلاَكِ مِنْ آثَارِ
وَخَلَقْتُ أَفْلاَكاً تَدُورُ مَكَانَهَا ... وَتَسِيرُ حَسْبَ مَشِيئَةِ الأَحْرَارِ
مَا أَسْرَعَ مَا يَسِيرُ رَكْبُ الْعُمْرِقُمْ فَاغْنَمْ لَحْظَةَ الْهَنَا وَالْبِشْرِ
دَعْ هَمَّ غَدٍ لِمَنْ يَهِمُّوْنَ بِهِ ... وَالْلَّيْلُ سَيَنْقَضِي فَجِئ بِالْخَمْرِ
قَالُوا دَعِ الرَّاحَ سَتَلْقَى الْبَلاَ ... مِنْهَا وَتُلْقَى فِي لَظىً مُسْعَرَهْ
نَعَمْ وَلَكِنْ نَشْوَتِي لَحْظَةً ... أَحْلَى مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الآخِرَهْ
أَوْجَدْتَنِي يَا رَبِّ مِنْ عَدَمٍ وَلِي ... أَسْدَيْتَ فَضْلاً مَا لَهُ مِقْدَارُ
عُذْرِي بِأَنِّي عِنْدَ حُكْمِكَ عَاجِزٌ ... مَا دَامَ يَوْماً مِنْ ثَرَايَ غُبَارُ
كَمْ جُبْتُ مِنْ وَادٍ وَسَهْلٍ دُوْنَ أَنْ ... أَحْظَى بِتَحْسِينٍ لِبَعْضِ أُمُوْرِي
قَدْ سَرَّنِي أَنَّ الْحَيَاةَ قَدِ انْقَضَتْ عَنِّي وَإِنْ تَكُ مَا انْقَضَتْ بِسُرُورِ
(1/10)
قَدْ دَاعَبَتْ رِيحُ الصَّبَا الْوَرْدَ وَقَدْهَاجَ الْهِزَارَ حُسْنُهُ فَاسْتَبْشَرَا
إِجْلِسْ لَدَى الزَّهْرِ فَكَمْ عَلَى الثَّرَىتَنَاثَرَ الأَزْهَارُ إِذْ نَحْنُ ثَرَى
وَقد ورد البيت الثاني من الرباعية المذكورة بشكلٍ آخر هذا تعريبه :
إِجْلِسْ بِظِلِّ الزَّهْرِ فَالأَزْهَارُ كَمْمِنَ الثَّرَى بَدَتْ وَعَادَتْ لِلثَّرَى
أَلاَ لَيْتَ رَبِّي يَقْلِبَ الْكَونَ بَغْتَةً وَيُنْشِؤُهُ حَالاً لأَنْظُرَ مَا يَجْرِي
فَإِمَّا يَزِيدُ الرِّزْقُ لِي أَوْ يُمِيتُنِيوَيَمْحُو اٍسْمِيَ الْمَسْطُورَ مِنْ دَفْتَرِ الدَّهْرِ
هَاتِ الْمُدَامَ فَفِي الْفُؤَادِ لَوَاعِجٌوَالْعُمْرُ مِثْلُ الزِّئْبَقِ الْفَرَّارِ
إِنْهَضْ فَيَقْظَةُ عُمْرِنَا نَوْمٌ وَمَا ... نَارُ الصِّبَا إِلاَّ كَمَاءٍ جَارِي
قَالُوا سَيَشْتَدُّ الْحِسَابُ بِنَا غَداًوَيَضِيقُ صَدْرُ حَبِيبِنَا فِي الْمَحْشَرِ
أَيَكُونُ مِنْ حَسَنٍ سِوَى حَسَنٍ إِذَنْ ... حَسُنَتْ عَوَاقِبُنَا فَطِبْ وَاسْتَبْشِرِ
سَأَلْتُكَ هَلْ زَادَتْ بِمُلْكِكَ طَاعَتِيوَهَلْ أَنْقَصَتْ مِنْهُ خَطاَيَايَ مِنْ قَدْرِ
فَدَعْنِي وَدَعْ نَصْرِي فَطَبْعُكَ بَانَ لِيسَرِيعٌ لِخِذْلاَنٍ بَطِيءٌ عَنِ النَّصْرِ
أُسْلُكْ سَبِيلَ بَنِي الْحَانَاتِ وَاسْعَ إِلَى ... رَاحٍ وَعُودٍ وَظَبْيٍ يبهج النظر
في الكف كأس ُ وفوق المتنِ كُوزُ طِلاإ شْرَبْ حَبِيبِي الْحُمَيَّا وَاتْرُكِ الْهَذَرَا لَمْ
لم يَنَمُ فِي الصَّحْرَاءِ رَوْضُ شَقَائِقٍ ... إلا وكان دماً جرى لأميرِ
وَكَذَاكَ كُلُّ وُرَيْقَةٍ بِبَنَفْسَجٍ ... خال ُبدا منا بِخدِ غريرِ
إِنْ كُنْتَ تَفْقَهُ يَا هَذَا الْفَقِيهُ فَلِمْ ... تلحو فلاسفةً دانو بأفكار
هُمْ يَبْحَثُونَ عَنِ الْبَارِي وَصَنْعَتِهِ ... وانْتَ تبْحث ُعن حيضٍ وأقْذارِ
أَتَدْرِي لِمَاذَا يُصْبِحُ الدِّيْكُ صَائِحاًيُرَدِّدُ لَحْنَ النَّوْحِ فِي غُرَّةِ الْفَجْرِ
يُنَادِي لَقَدْ مَرَّتْ مِنَ الْعُمْرِ لَيْلَةٌ وَهَا أَنْتَ لَمْ تَشْعُرْ بِذَاكَ وَلَمْ تَدْرِي
هَذَا الْفَضَاءُ الَّذِي فِيهِ نَسِيرُ حَكَىفَانُوسَ سِحْرٍ خَيَالِياً لَدَى النَّظَرِ
مِصْبَاحُهُ الشَّمْسُ وَالْفَانُوسُ عَالَمُنَاوَنَحْنُ نَبْدُوْ حَيَارَى فِيهِ كَالصُّوَرِ
إِذَا لَمْ أَنَلْ وَرْداً فَحَسْبِيَ شَوْكُهُوَإِنْ لَمْ أَنَلْ نُوْراً كَفَتْ عِنْدِيَ النَّارُ
وَإِنْ لَمْ أَكُنْ شَيْخاً بِبُرْدٍ وَتَكْيَةٍفَحَسْبِيَ نَاقُوْسٌ وَدَيْرٌ وَزِنَّارُ
دَخَلْتُ فِي الْحَانِ نَشْوَاناً وَكَانَ بِهِشَيْخٌ عَلَى مَتْنِهِ كُوْزٌ وَقَدْ سَكِرَا
فَقُلْتُ هَلاَّ مِنَ الْلَّهِ اعْتَرَاكَ حَيّاًقَالَ احْسِهَا فَهْوَ يَعْفُوْ وَاتْرُكِ الْهَذَرَا
حرف الزاي
عَنِ الْهَمِّ أَعْرِضْ مَا اسْتَطَعْتَ وَلاَ تَدَعْلِمَا مَرَّ أَوْ مَا لَم يَرِدْ فِي الْحَشَا وَخْزَا
وَعِشْ وَارْتَشِفْ وَاهْنَأْ فَلَسْتَ بِآخِذٍ لِرَمْسِكَ مِنْ فَلْسٍ وَإِنْ تَمْتَلِكْ كَنْزَا
حرف السّين
يَا لِهَذَا الْقَلْبِ الْبَئِيسِ الْمُعَنَّىلَمْ يُفِقْ مِنْ هَوَى الْحَبِيبِ الْقَاسِي
مُذْ أَدَارُوا سُلاَفَةَ الْحُبِّ قِدْماً ... مَلأوا مِنْ دَمِ الْحُشَاشَةِ كَاسِي
حَتَّى مَ أُصْبِحُ فِي هَمٍّ بِأَنِّيَ هَلْأَهْنَى وَأَحْزَنُ أَوْ أُثْرِي وَأَبْتَئِسُ
هَاتِ الْمُدَامَ فَإِنِّي لَسْتُ أَعْلَمُ هَلْمَتَى زَفَرْتُ لِصَدْرِي يَرْجِعُ النَّفَسُ
الرَّاحُ أَطْيَبُ لِي مِنْ مُلْكِ طُوْسَ وَمِنسَرِيرِ كِسْرَى وَتَخْتِ الْمَلْكِ قَابُوْسِ
وَإِنَّمَا أَنَّةُ السِّكِّيْرِ فِي سَحَرٍخَيرٌ مِنَ الزُّهْدِ وَالتَّقْوَى بِتَدْلِيسِ
رُبَّ طَيرٍ فِي طُوْسَ أَلْقَى لَدَيْهِ ... رَأْسَ قَابُوْسَ ذِي الْعُلَى وَالْبَاسِ
(1/11)
وَهُوَ يَدْعُوْهُ أَيُّهَا الرَّأْسُ لَهْفاً ... أَيْنَ صَوْتُ الطُّبُوْلِ وَالأَجْرَاسِ
أَلاَ قُمْ لِنَحْسُوهَا وَنُعْمِلَ عُودَنَاوَنُبْدِلَ حُسْنَ الصِّيتِ بِالْعَارِ وَالرِّجْسِ
وَدَعْنًا نًبِعْ بِالْكَأْسِ سَجَّادَةَ التُّقَىوَنَكْسِرُ فَوْقَ الصَّخْرِ قَارُورَةَ الْقُدْسِ
إِنْ اشْتَهَرْتَ فَشَرُّ النَّاسُ أَنْتَوَإنْ كُنْتَ انْزَوَيْتَ فَقَدْ عَانَيْتَ وُسْوَاساً
لَوْ كُنْتَ خِضْراً وَإِلْيَاساً سُعِدْتَ بِأَنْلاَ تُعْرَفَنَّ وَأَنْ لاَ تَعْرِفَ النَّاسَا
دَعْ كُلَّ مَفْرُوضٍ وَمَنْدُوْبٍ وَمِنْ ... قُوْتٍ لَدَيْكَ فَأَطْعِمَنَّ النَّاسَا
لاَ تُؤْذِ خَلْقَ الْلَّهِ أَوْ تَغْتَبْهُمُوَأَنَا الضَّمِينُ غَداً فَهَاتِ الْكَاسَا
يَا خَمْرُ مَا أَحْلاَكِ وَسْطَ زُجَاجَةٍ ... تَاللَّهِ أَنْتِ عِقَالُ عَقْلِ الْحَاسِي
لاَ تُمْهِلِينَ مَنِ احْتَسَاكِ هُنَيْهَةً ... حَتَّى تُبِينِي كُنْهَهُ لِلنَّاسِ
إِذَا ازْدَانَتِ الدُّنْيَا لَدَيْكَ فَلاَ تَثِقْبِمَا لَمْ يَثِقْ فِيهِ لَبِيبُ وَكَيِّسُ
فَمِثْلُكَ كَمْ آتٍ إِلَيْهَا وَذَاهِبٍ ... فَقُمْ وَاخْتَلِسْ حَظاً بِهَا فَسَتُخْلَسُ
مَرَّتْ لَيَالٍ نَحْنُ لَمْ نُغْمِضْ بِهَا ... طَرْفاً وَلَمْ نَتْرُكْ دِهَاقَ الْكَاسِ
قُمْ نَحْسُهَا قَبْلَ الصَّبَاح فَكَمْ لَهُ ... نَفَسٌ وَنَحْنُ لَقىً بِلاَ أَنْفَاسِ
لَمْ يَبْقَ غَيْرُ اسْمٍ مِنَ الْلَّذَاتِ أَوْغَيْرُ السُّلاَفَةِ مِنْ جَلِيسٍ كَيِّسِ
لاَ تُلْقِ مِنْ يَدِكَ الْمُدَامَ فَمَا بَقِيفِي الْكَفِّ هَذَا الْيَوْمَ غَيْرُ الأَكْؤُسُ
حرف الشّين
هاتِ الْمُدَامَ فَمَا الدُّنْيَا سِوَى نَفَسِيَكْفِيكَ عَيْشُكَ آناً مِنْهُ مُنْتَعِشَا
إِهْنَأْ بِكُلِّ الَّذِي يَأْتِي الزَّمانُ بِهِفَلَيْسَ يَجْرِي كَمَا يَهْوَى امْرُؤٌ وَبَشَا
حرف الصّاد
لَوْ تَسْقِي الطَّوْدَ لاَعْتَرَاهُ الرَّقْص مَنْ يَنْتَقِصِ الرَّاحَ فَفِيهِ النَّقْصُ
حَتَّى مَ تَقُولُ لِي عَنِ الرَّاحِ فَتُبْ ... هَذِي رُوْحٌ بِهَا يُرَبَّى الشَّخْصُ
حرف الضّاد
أُنْظُرِ الْعُمْرَ كَيْفَ يَمْضِي حَزِيناً ... فَابْتَدِرْهُ فَسَوْفَ يُودِي وَيَقْضِي
مَا رَأَيْتُ الْهَنَاءَ عُمْرِي فَلَهْفِي ... لِحَيَاةٍ كَذَا تَمُرُّ وَتَمْضِي
إِذَا مَا أَتَيْنَا خَاشِعِينَ لِمَسْجِدٍفَلَمْ نَأْتِ نَقْضِي لِلصَّلاَةِ فُرُوضَهَا
وَلَكِنْ سَرَقْنَا مِنْهُ سَجَّادَةً وَمُذْعَرَاهَا الْبِلَى جِئْنَا لِكَيْ نَسْتَعِيضَهَا
حرف العين
مَا أَهْرَقَ السَّاقِي سُلاَفاً فِي الثَّرَى ... إِلاَّ وَأَطْفَأَ نَارَ قَلْبٍ مُوْلَعِ
أَتَظُنُّ رَاحاً ذَلِكَ الْمَاءَ الَّذِي ... يُوْدِي بِمَائَةِ عِلَّةٍ فِي الأَضْلُعِ
إِلَهِي وَمُجْرِي كُلِّ حَيٍّ وَمَيِّتٍوَرَبَّ السَّمَا ذَاتِ النُّجُومِ السَّوَاط