هود عليه
السـلام
هو هود ابن عبد الله ابن رباح
ابن جارود ابن عاد ابن عوس ابن أرم ابن سام ابن نوح عليه السلام ومن هنا
يسمى قوم هود يسمون عاد و أيضا يسمون إرم لأنهم هؤلاء أجداد هود عليه
السلام و كان قوم هود عاد يسكنون في منطقة تسمى الأحقاف و هذا نسبة إلى
سورة الأحقاف نسبة إلى المكان التي كانت تسكنه عاد و هي جبال من الرمل ،
الأحقاف معناها جبال من الرمل و هذه كانت في اليمن بين عمان و حضرموت هذه
المنطقة بين عمان و حضرموت بأرض مطلة على البحر يقال لها الشِحْر منطقة
تسمى الشحر في اليمن يقول الله سبحانه و تعالى
)واذكر أخا
عاد
( {الأحقاف 20 } الذي هو هود عليه السلام ) واذكر أخا
عاد إذ أنذر قومه
بالأحقاف({الأحقاف 20 }فهذا مكانهم بالأحقاف و كانوا
يتفننون في صناعتهم و مساكنهم و كانت أحب المساكن إليهم الخيام لكنها ما
كانت خياما عادية كانت خياما ضخمة جدا يتفننون بها و يتفاخرون بها فقال
الله سبحانه وتعالى
) ألم ترى كيف فعل ربك بعاد إرم ذات
العماد
( {الفجر 6-7} العماد يعني العواميد الضخمة التي كانت خيامهم يقول الله
سبحانه وتعالى عن تفننهم و صناعتهم
) إرم ذات
العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد
( {الفجر 7-8 } تفننوا في الصناعة و بالذات في
المساكن و المدن و الشوارع حتى كانت تروى عنهم العجائب في ذلك فكانت لهم
مساكن السهول يسكنون في الخيام و كانوا يصنعون القصور في الجبال مع أنهم
كانوا يسكنون السهول لكن لعب و عبث و كانت لهم شوارع ضخمة في مدنهم حتى
يبالغ بعض الرواة أنه كانت أسوارهم من ذهب وفضة والله أعلم لكن بالتأكيد
الذي جرى في عاد لم يجري في أي مكان أخر
) لم يخلق
مثلها في البلاد
( {الفجر 8 }بلغوا من الحضارة ومن الصناعة
الشيء الهائل العظيم وكانوا عربا كانوا يتكلمون اللغة العربية وهود عليه
السلام عربي جاء ذلك في حديث يرويه ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان يحدث أبا ذر عن الأنبياء فقال في الحديث منهم أربعة من العرب
، الأنبياء فيهم أربعة من العرب هود ، صالح و شعيب و نبيك يا أبا ذر عليهم
الصلاة و السلام و العرب الذين جاءوا قبل إسماعيل عليه السلام يسمون العرب
العاربة و من أشهرهم عاد و ثمود و جرهم و أُمَيْم و مدين وقحطان و غيرهم
هذه أشهر القبائل العرب العاربة التي جاءت قبل إسماعيل عليه السلام أما
العرب المستعربة فهم الذين جاءوا بعد إسماعيل عليه السلام من ذرية إسماعيل
عليه السلام ، إسماعيل عليه السلام ما كان عربيا إنما كان كنعانيا لكنه لما
وصفه أبوه في مكة و خالط العرب و صار من أفصحهم نشأ بين العرب حتى يقولون
أنه كان أفصح العرب و منه جاءت فصاحة العرب و فصاحة النبي صلى الله عليه و
سلم بعد نوح عليه السلام و بعد الطوفان و القضاء على البشر في كل الأرض بدأ
البشر ينتشرون مرة أخرى من المنطقة التي سكنها نوح عليه السلام و قد سكن
في شمال الشام ، مناطق جنوب تركيا ، شمال الشام و منها انتشر الناس في
فلسطين و الشام و منها انتقلوا إلى الجزيرة و عاد وصلوا إلى جنوب الجزيرة و
كان الناس كلهم عل التوحيد بعدما دمرت الأرض ما بقي إلا ذرية نوح عليه
السلام فكانوا موحدين إلى أن جاءت عاد و وسوس لهم الشيطان مع تطاول المدة
فبدءوا يعبدون الأصنام مرة أخرى أول من عبد الأصنام بعد نوح عليه السلام
كانت عاد و كانوا كما ذكرنا من الحضارة بالشيء العجيب و كانوا أيضا الله
سبحانه و تعالى أمدهم بالضخامة كانوا ضخاما جاء ذلك في القرآن و يصفهم
المفسرون بأنهم بيض طوال ضخام الأجسام ضخمة جدا لما نقول ضخمة نتكلم عن
ذرية آدم عليه السلام آدم عليه السلام 60 ذراعا في السماء فكانوا بهذا
الطول تقريبا شئ ضخم يقول الله سبحانه و تعالى عن ذلك في الكتاب
) واذكروا إذ
جعلكم
({الأعراف 68 } هود يكلمهم يكلم قومه ) واذكروا إذ
جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم
تفلحون
({الأعراف 68 } هم الذين حكموا بعد نوح عليه السلام ) و زادكم في الخلق بصطة( {الأعراف 68
}
أجسام
مبسوطة ضخمة
)فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون( {الأعراف 68 } و وصف الله سبحانه و تعالى
الحضارة و التطور العمراني الذي كان في عاد علة لسان هود عليه السلام حيث
قال
) أتَبْنونَ بكل ريع آية تعبثون( {الشعراء 128 } الريع هو المكان المرتفع و
الآية المعجزة الشيء العجيب فكانوا يصنعون القصور على رؤوس الجبال فيقول
لهم أنتم تسكنون السهول و تصنعون القصور على رؤوس الجبال لماذا عبث لعب لكن
هكذا وصل بهم الأمر و القوة و الحضارة
) أتبنون بكل
ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون
({الشعراء 128-129 }و المصانع قيل أماكن الصناعة و
قيل عنها المياه كانت لهم مصرف للمياه و قيل عنها أنها القصور الضخمة
)وتتخذون
مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بَطشتم جبارين
( {الشعراء 129-130 } و صلت بهم القوة أنه ما أحد
وقف أمامهم كانوا هم المسيطرين على كل البشر في ذلك الوقت
) فاتقوا الله وأطيعون واتقوا
الذي أمدكم بما تعلمون
( {الشعراء131-132 } أمدكم الله سبحانه و تعالى ،
أنعم عليهم بالنعم
) أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون( {الشعراء 133 -134 } إذ كل أسباب الحضارة و النعيم
كانت عندهم ، المياه الجنات ، الأولاد ، الأموال
القوة الأجسام المصانع كل شئ كان لعاد
لكنهم ما حمدوا الله سبحانه وتعالى
) فأما عاد
فاستكبروا في الأرض بغير الحق
( {فصلت 14 } لما وصل عندهم الأمر و سيطروا
على البشر بدءوا يتكبرون بدل أن يحمدوا الله عز و جل تكبروا ، دائما الكبر
هو أساس البلاء منذ معصية إبليس لعنه الله
) فأما عاد
فاستكبروا في
الأرض بغير الحق( {فصلت 14 } و بدل أن يحمدوا الله عز و جل
ماذا قالوا
) وقالوا من أشد منَّا قوة( {فصلت 14 } و عاندوا الله عز وجل ) أولم يروا
أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة
( {فصلت 14 } فلما كفروا بعث الله تعالى
إليهم هود و بدأ هود يدعوهم
) وإلى عاد
أخاهم هودا قال يا قوم أعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون قال
الملأ الذين كفروا من قومه إنا نراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين قال
يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم
ناصح أمين أَوَ عَجِبْتُم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم
واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا آلاء
الله لعلكم تفلحون
( {الأعراف 64 -68} ذكرهم بالنعم العظيمة لكنهم
أصروا و ظل هود عليه السلام يدعوهم فقال لهم
)وإلى عاد
أخاهم هودا قال يا قوم أعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون
( {هود 50 } تكذبون بصناعة عبادة الأصنام هذه
و تتخذونها من دون الله
) يا قوم لا
أسألكم عليه أجرا إن اجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون ويا قوم استغفروا
ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا
تتولوا مجرمين
( {هود 51-52 } ، فدعاهم و دعاهم فماذا كان رد
عاد فبدءوا يسخرون منه كما سخر قوم نوح من نوح فقالوا له
) إنا لنراك
في سفاهة
( {الأعراف 65 }أنت سفيه و قالوا له ) إن نقول إلا
إعتراك بعض آلهتنا بسوء
( {هود 54 }فيه واحد من هذه الآلهة من
الأصنام أصابك بشيء أنت مريض بسبب عداوتك للأصنام أضروك و قالوا له كذلك
)و قال الملأ
من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا
( {المؤمنون 33 } وصلوا إلى ترف شئ عجيب )ما هذا إلا
بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه و يشرب مما تشربون
ولئن
أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون أيعدكم أنكم إذا متم و كنتم ترابا
وعظاما أنكم مخرجون هيهات هَيْهَاتَ لما توعدون إن هي
إلا حياتنا
الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما
نحن له بمؤمنين
( {المؤمنون 33-38 }و ظل يدعوهم ، يدعوهم فوصلوا
إلى نقطة حيث قالوا
) قالوا سواء علينا أوعظت أم لم
تكن من الواعظين إنْ
هذا إلا خلق الأولين وما نحن
بمعذبين
( {الشعراء 136-138 } فأصروا إصرارا كاملا على التكذيب ، لما وصلوا إلى
هذا الأمر تحداهم عاندوه فتحداهم قال لهم :
) قال إني
أشهد الله أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون
({هود 54 } نفس القولة التي قالها نوح عليه
السلام لقومه ، تحداهم
) فأجمعوا
أمركم
( {يونس 71 }أجمعوا أنصاركم و لا تمهلوني لا تعطوني مهلة لا تنتظرون ثم
دعا الله سبحانه وتعالى قال
)قال رب
انصرني بما كذبون
( {المؤمنون 39 } قال عز و جل )قال عما قليل ليصبحن
نادمين
( {المؤمنون 40 } كيف عاقبهم الله سبحانه وتعالى على فعلتهم على إنكارهم على
عنادهم و تكذيبهم و استهزائهم بهذا النبي الكريم عذبهم الله سبحانه وتعالى
بالريح ، ريح ليس كمثلها في التاريخ ، انقطع عنهم المطر و بدأ الجدب و
بدأت الثمار تموت و الأشجار تموت و أخذوا يطمعون في المطر و يطمعون و في
يوم من يوم عندما أراد الله سبحانه وتعالى أن يعذبهم إذ أقبلت سحابة سوداء
من بعيد فاستبشروا قالوا خير جاء الغيث جاء المطر
) فلما رأوه
عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا
( {الأحقاف 23 }جاءت الغيوم و فيها المطر) بل هو ما
استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شئ بأمر ربها فأصبحوا لا ترى إلا
مساكنهم
( {الأحقاف 23-24 } دمرت كل شئ كل ثمارهم كل خيمهم كل أشجارهم كل
مصانعهم كل شئ ما بقي عندهم إلا المساكن التي نحتوها في الجبال و كل شئ دمر
) كذلك نجزي القوم المجرمين( {الأحقاف 24 } و وصف الله سبحانه و تعالى هذا
التدمير في آيات كريمات فقال
) وفي عاد إذ
أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم
({الذاريات 41-42 } تفتت كل شئ ، الرميم : الرماد
مثل الرماد التراب المكسر فدمرت كل شئ و يقول الله تعالى
)كذبت عاد
فكيف
كان عذابي ونذر إنَّا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم
نحس مستمر تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر
( {القمر 18-20}أعجاز نخل جذوع النخل منقعر ليس
لها رؤوس نخلة بدون رأس كانت الريح تأخذ الواحد على ضخامته فتطير به فتدقه
في الأرض فينفصل رأسه على جسمه فيترك جسدا بدون رأس
) كأنهم أعجاز
نخل منقعر فكيف كان عذابي ونذر
({القمر 20-21 }) وأما عاد
فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما
( {الحاقة 5-6 } حسمت الأمر قطعتهم قطعا )فترى القوم
فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية
( {الحاقة 6-7 } ما بقي شئ و نجى الله سبحانه و
تعالى هود يقول الله سبحانه و تعالى
)فأنجيناه({الأعراف 71 }كانت الريح و هو موجود تصيبهم
كلهم إلا المكان الذي فيه هود و من معه كل ما حوله يتحطم قالوا في حظيرة و
معه بهائم و حيوانات و من آمن به فكل شئ حوله يتحطم و لم يمس المؤمنين شئ
فسبحان القائل عز و جل
) فأنجيناه
والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذَّبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين
( {الأعراف 71 } و يقول تعالى )ولما جاء
أمرنا نجينا هودا والذين
آمنوا معه برحمة منا
ونجيناهم من عذاب غليظ وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتَّبَعوا
أمر كل جبار عنيد وأتْبِعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إنَّ عادا
كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود
( {هود 57-59 }فكانت هذه نهاية عاد و عاش بعدها
المؤمنون في ذلك المكان و مات هود عليه السلام و دفن بحضرموت و مرت الأيام
و رجع الناس مرة أخرى إلى الكفر بوسوسة من إبليس اللعين الذي لا يترك
البشر و انتشر الكفر مرة أخرى و جاء هذه المرة نبي كريم آخر هو صالح عليه
السلام.