البدء في توسعة المسجد النبوي السعودية
وأخذت الدراسة مكانها في المشروع مدة ثم صدر أمر جلالة الملك عبد العزيز آل سعود على المعلم محمد بن لادن بإجراء العمارة والتوسعة لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , وصرف ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيد أو شرط مع توسيع الطرق التي حول المسجد , وأخذ المعلم محمد بن لادن يعد العدة ويستقدم المهندسين والخبراء والفنيين ومواد البناء ويرسل ذلك للمدينة وبعد استكمال ما يلزم للمشروع بدئ في التنفيذ في شوال 1370هـ , وانتهت العمارة والتوسعة سنة 1375هـ , وكان المشرف العام على أعمال العمارة والتوسعة المعلم الشيخ محمد بن لادن والمدير العام لمكتب مشروع التوسعة هو سعادة الشيخ محمد صالح قزاز , أما السيد جعفر فقيه فكان الرجل الثالث في المشروع وقطب الرحى الميدانية فيه .
وكانت العمارة قوية جميلة رائعة بالأسمنت المسلح والمزايكو , وقد أسس المعلم ابن لادن مصنعا خاصا بصنع المزايكو الممتاز في آبار علي لتموين العمارة , وقد مونها كأنجح مصنع لأنبل غرض , ومكان المصنع خارج حرم المدينة .
أرقام هامة عن العمارة السعودية الأولى
وقد اتصلت العمارة والتوسعة السعودية مع عمارة السلطان عبد المجيد الباقية وشكل هذا الاتصال منظرا رائعا مشرقا . والقسم الذي أزيل من العمارة المجيدية مساحته 6247 مترا , وعمر مع المساحة التي وسع بها المسجد وقدرها 6024 مترا . وإذا أضفنا المساحة التي أزيلت وعمرت على المساحة التي زيدت في المسجد وعمرت تبلغ جميع العمارة السعودية 12271 مترا مسطحا , أما الذي بقي من عمارة السلطان عبد المجيد - وهو القسم القبلي المسقوف - فمساحته 4056 مترا مربعا حسب نشرة مكتب توسعة الحرم النبوي الشريف . وفي هذا القسم الحجرة المطهرة وعليها القبة الخضراء ومصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمنبر الشريف والروضة المطهرة والأسطوانات الأثرية , وفيها المنارة الرئيسية ومنارة باب السلام ومصلى الرسول صلى الله عليه وسلم لبيت المقدس . وقد نشر مكتب توسعة الحرم النبوي بيانا مساحيا عن مساحة المسجد النبوي الذي بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم والتوسعات التي جرت فيه بالمتر المسطح وهو كالآتي :
متر مربع
2475
مساحة المسجد النبوي حينما بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 7 هـ بعد فتح خيبر .
1100
زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 17هـ .
496
زيادة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 29 - 30هـ
2369
زيادة الوليد بن عبد الملك الأموي سنة 88 - 91هـ
2450
زيادة المهدي العباسي سنة 161 - 165هـ .
120
زيادة الأشرف قايتباي سنة 888هـ .
1293
زيادة السلطان عبد المجيد العثماني سنة 1265 - 1277هـ .
6024
زيادة الملك عبد العزيز آل سعود سنة 1370 - 1375هـ . متر مربع
16327
-
إحصاءات عن العمارة السعودية الأولى
كما نشر المكتب إحصاء عن العمارة السعودية هو :
عدد عدد
474 عمود مربع متصل بجدار التوسعة 2 (الحصاوى) رحبتا المسجد المحصبة .
232 عمود مستدير . 689 العقود .
128 متر طولي للجدار الشرقي - -
91 متر طولي للجدار الشمالي . 44 النوافذ .
5 الأروقة الشمالية . 5 أمتار عمق أساسات الجدران والأعمدة .
3 الأروقة الشرقية 2 المآذن .
3 الأروقة الوسطى . 70 متر ارتفاع كل مئذنة .
3 الأروقة الغربية . 17 متر عمق أساس كل مئذنة .
ما صرف في العمارة
وفي حديث لمدير عام مكتب توسعة الحرم النبوي الشيخ صالح قزاز قال : إن الذي صرف على عمارة وتوسعة المسجد النبوي هو 30 مليونا من الريالات . وكان حديثه والعمارة على وشك الانتهاء , وإن ما صرف على التعويضات لنزع ملكيات الدور ولإحداث الشوارع الجديدة حول المسجد النبوي نحو 40 مليون ريال سعودي .
امتداد التوسعة المساحية
وامتدادا للشعور بمسئولية خدمة الإسلام والمسلمين من خلال مقدساتهم فقد أسهم الملك فيصل رحمه الله في توسعة المسجد النبوي الشريف بإنشاء ساحة في الجهة الغربية بلغت مساحتها 4000 م2 أربع وتسعون ألف متر مربع تقريبا وهيأها للمصلين على شكل مظلات أوصل إليها الخدمات الضرورية . كما ألحقت بهذه الساحة ما أضافه الملك خالد رحمه الله بعد حريق سويقة المشهور حيث تم نزع ملكيات تلك المنطقة وأضيفت إلى ساحة التوسعة الفيصلية بمساحته 43000 م2 ثلاث وأربعون ألف متر مربع تقريبا
وكلتا المساحتين دخلت في بناء مشروع التوسعة الكبرى للمسجد النبوي وساحاته الخارجية .
توسعة خادم الحرمين الشريفين الكبرى للمسجد النبوي الشريف
كان هناك تفاوت كبير بين مساحتي الحرمين الشريفين , رغم أن عدد المترددين عليهما يكاد يكون واحدا , فالمسجد الحرام كانت مساحته قبل توسعة خادم الحرمين الشريفين 168 , 160 متر مربع , بينما كان المسجد النبوي بعد التوسعة السعودية الأولى 16.327 متر مربع , ومساحته هذه تمثل 10.19 % من مساحة الحرم المكي الشريف قبل التوسعتين اللتين أمر بهما خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز .
ورغم أن الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله قد أضاف مساحة فضاء إلى المسجد النبوي من الناحية الغربية , إلا أنها كانت ساحات للصلاة مؤقتة ظللت بالمظلات , وجهزت بالأضواء وفرشت بالرخام بينما ظل المسجد النبوي كما هو بعد العمارة السعودية الأولى , وإن زادت مساحات الصلاة فيه بزيادة الملك فيصل رحمه الله المؤقتة , ولكن لم تحدث فيه عمارة . وقد لفت هذا التفاوت في المساحة بين المسجدين الشريفين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز , فأمر حفظه الله بإجراء دراسات لتوسعة كبرى في الحرم النبوي الشريف , تعد التوسعة الأكبر من نوعها في التاريخ الإسلامي كله , وكان دافعه إلى ذلك أن يكون للحرمين الشريفين قيمة متوازية , كما لهما القيمة الروحية العظمى لدى المسلمين في كل مكان في أرجاء العالم .
وقد تم عمل دراسة وتصميم معماري لمبنى التوسعة الجديدة ليحقق ذلك التوازن المشار إليه وفي إطار التوجيهات السامية , فجاء التصميم محيطا بالمسجد النبوي من الشمال , والشرق والغرب , وعلى مساحة طابق أرضي قدرها 82000 متر مربع , وذلك لتوزيع عدد المداخل المطلوبة على محيط التوسعة تسهيلا للمصلين والزائرين , كما تمت الاستفادة من السطح لإضافة مساحات أخرى للصلاة , مع إمكانية مستقبلية لتسقيفها لإضافة طابق علوي , وتم تزويد مبنى التوسعة بعدد من السلالم الكهربائية المتحركة والثابتة موزعة بشكل مدروس لتسهيل الحركة صعودا وهبوطا دون التعارض مع الحركة الأفقية للطابق الأرضي .
وقد أتاح هذا التصميم طاقة استيعابية ضخمة , مما أدى إلى تنفيذ أفكار مبتكرة لاحتواء كل المشاكل الممكن حدوثها من خلال هذا التجمع , وقد أدت هذه الأفكار إلى خلق خصائص معمارية وإنشائية تميز المشروع وتتمثل في الآتي :
1-
تم الاعتماد على التهوية الطبيعية , واعتمد في هذا على فتحات في الأسقف , وتمت تغطيتها بقباب متحركة آليا , وسرعة فتحها وغلقها في مدة زمنية واحدة جميعها أو منفصلة حسب الضرورة .
2-
تم اعتماد نظام نداء بواسطة مكبرات الصوت يعمل على أحدث النظم الإلكترونية المتطورة , وموزعا على المساحة الداخلية والخارجية والعلوية بشكل مدروس لمنع أي تداخلات في الأصوات , وأن يكون واضحا ومسموعا في كل جزء من التوسعة .
3-
نظام دوائر تلفزيونية مغلقة تعمل وفق أحدث الأنظمة العالمية , وبالأجهزة الإلكترونية المتطورة , وذلك لدواعي الأمن والسلامة , ولتوجيه المصلين في حالة الضرورة إلى المخارج المناسبة .
4-
اعتماد نظام للإنذار من الحريق , ونظام إطفاء للحريق لمواكبة هذه الطاقة الاستيعابية الضخمة من المصلين والزائرين , وخاصة أوقات الذروة .
5-
نظام متطور لتلطيف الهواء .
6-
اعتماد نظام التغذية بالمياه للوضوء , ونظام آخر لمياه الشرب المبردة من مبنى المبردات المركزي , ومقابل ذلك نظام للصرف الصحي ذو طاقة استيعابية مناسبة لحجم التوسعة , ولصرف مياه الأمطار .
7-
نظام طاقة كهربائية أساسي واحتياطي , وهو نظام يعمل على أساس بنك للبطاريات الحديثة يعتمد في تشغيله والتحكم فيه بواسطة حاسب آلي ضخم وغاية في التطور .
8-
مواقف سيارات تستوعب إلى 4500 سيارة وقت الذروة , مع ما تحتاجه من خدمات مساندة لهذا العدد الكبير من المصلين والزائرين من ضمنها عدد كبير من دورات المياه , ومراكز صحية , ومراكز خدمات اجتماعية , مراكز إطفاء حريق , مراكز شرطة , سلالم كهربائية , سلالم اعتيادية , منحدرات لدخول السيارات وخروجها , منحدرات للحركة الداخلية .
المراحل التنفيذية
بدأت المراحل التنفيذية لمبنى التوسعة بإزالة المباني القائمة في مخطط التوسعة , والذي تقدر مساحته بـ (100) ألف م2 , تم تعويض مالكيها تعويضا عادلا , واستغرق العمل في هذه المرحلة ثلاث سنوات ما بين عام (1405 - 1408هـ) , وسبب استمرار المرحلة هذه السنوات أن خادم الحرمين الشريفين أمر بإتاحة الفرصة للسكان ليتدبروا أمرهم , ويجدوا البدائل المناسبة لهم , وعدم قطع خطوط الخدمات عنهم إلا بعد أن ينتقل الجميع
طريقة مبتكرة
وقد استخدمت طريقة مبتكرة في إزالة ما يزيد على (390) عمارة في تلك المنطقة , روعيت فيها شروط السلامة , مع عدم استخدام المتفجرات مراعاة لحرمة المكان , وتتلخص هذه الطريقة في إضعاف دعامات المباني بطريقة فنية , ثم ربطت كل دعامة من هذه الدعامات بكابل فولاذ إلى آلة جر ذات قدرة عالية , وبتنسيق حسابي وهندسي دقيقين تحركت كل آلات الجر في وقت واحد . وفي اتجاهات محسوبة وسرعان ما يتداعى المبنى في الاتجاه المحدد له هندسيا دون حوادث , أو إلحاق ضرر بالآلات والمعدات .
ثم أزيلت أنقاض المباني والمنشآت , وتم تجهيز وإعداد الموضع للعمل , وتمت الاستفادة من هذه الأنقاض التي تقدر كمياتها بحوالي (500) ألف م3 من الردميات , في ردم وتسوية عدد من الوديان في ضواحي المدينة المنورة في إطار خطة تطوير المدينة عمرانيا , كما استفيد من كميات الأتربة الناتجة عن الحفريات , وقدرت كمياتها بـ (443) ألف م3 , في ردم وتسوية بعض الأودية لنفس الغرض .
التربة والأساسات
وقد أجريت اختبارات عملية دقيقة على تربة الموقع , ومن أماكن مختلفة , ودرست أفضل الطرق المناسبة للأساسات تراعي التربة غير المستقرة في المنطقة , والأحمال على الأساسات , سواء كانت الأحمال الحالية أو المستقبلية , وكل الاحتمالات المتوقعة التي يمكن أن تؤثر في الأساسات , وتضعف من قوة تحملها , إضافة إلى الاختبارات المعملية على الخرسانة .
واختيرت طريقة الأساسات على أوتاد مغلفة بأسطوانات فولاذية تصل إلى الطبقة الصخرية , إلى عمق يتراوح ما بين (30 - 50) م , وهي عملية عملاقة من الناحية الهندسية .
ويتم غرس هذه الأوتاد بواحدة من طريقتين , إما بالدق , أو الحفر واستخدمت في عملية الحفر معدات خاصة مجهزة لتصحيح أي انحراف عن المسار المفروض حتى 0.2 % أما بالنسبة للدق فتتم العملية بدفع أسطوانة الفولاذ التي تمثل الغلاف الخارجي بواسطة مطرقة تذبذبية عالية القوة للوصول إلى الطبقة الصخرية الحاملة , وسواء كانت عملية الغرس بالدق أو الحفر فقد تم استخدام أفضل الطرق الهندسية تطورا وملاءمة لإيصال الأوتاد إلى المناسيب المطلوبة . ولامتصاص الصدمات الناتجة عن عمليات الحفر أو الدق تدفع أسطوانة أخرى داخل أسطوانة الغلاف , وتملأ هذه الأسطوانة بمادة الامتصاص , يلي هذه العملية إنزال قفص تسليح فولاذي إلى داخل الأسطوانة الثانية , ثم تبدأ عمليات الاختبار الصوتي لهذا القفص بعدها تصب الخرسانة الداخلية المشتملة على القفص وتسوى تمهيدا لصب خرسانة الغطاء التي تشكل ركيزة الأساس .
وبهاتين الطريقتين تم غرس (8500) خازوق من مختلف الأقطار , وعلى مختلف الأعمال , وبلغت كميات الخرسانة المسلحة فيها أكثر من (9600) م2 , وأعماقها أكثر من 70 كلم , بلغت كمية المادة التي تزيد عن مقاومة الأوتاد للاهتزازات والصدمات أكثر من (42) ألف طن , وبلغت أطوال الأسطوانات الفولاذية المستخدمة في تنفيذ الأوتاد حوالي (28) ألف مترا طوليا .
وباستكمال الأوتاد تبدأ عملية صب قواعد رءوس الخوازيق , وكمرات الربط , حيث يتم إظهار رءوس الخوازيق , والحفر حولها بما يناسب حجم القاعدة المطلوبة , يلي ذلك إظهار حديد هذه الرءوس بتكسير الخرسانة وتنظيف ما حولها , وإحاطة موقع القاعدة , سواء كان ذلك فوق خازوق واحد أو سبعة خوازيق لبناء الأعمدة عليها , أو فوق من ستة عشر إلى اثنين وثلاثين خازوقا تحت المنارات , ويتم ربط حديد تسليح هذه الخوازيق مع حديد تسليح القاعدة وفق موازين دقيقة ثم تصب الخرسانة المسلحة . وترتبط القاعدة مع القواعد المجاورة بكمرات ربط من الخرسانة المسلحة وبنفس ارتفاع القواعد وأحجامها , وقد بلغت قواعد رءوس الخوازيق لمبنى التوسعة حوالي (1877) قاعدة استخدمت في إنشائها هي وكمرات الربط أكثر من (66000) م3 من الخرسانة المسلحة .
وهكذا ترتكز توسعة المسجد النبوي الشريف على قواعد وأسس بلورتها أفضل المواصفات الهندسية , ضمانا لبقاء المسجد شامخا على مر العصور , مع إمكانية بناء دور ثان في المستقبل إذا تطلب الأمر .
البنية الأساسية
مع منتصف عام (1410هـ - 1990م) كانت البنية الأساسية قد اكتملت , وبدأت معالم مبنى التوسعة المعمارية تتبلور وتظهر , وارتفع البنيان قائما من الأساسات الضاربة في العمق , والممتدة على مساحة (280) ألف م2 حول المسجد النبوي , وارتفعت فيها (2104) أعمدة تؤلف (95) ساحة , منها (27) ساحة مفتوحة , و (68) ساحة مقفلة بصورة دائمة , وتتباعد الأعمدة عن بعضها ما بين (6) أمتار , و (18) مترا لتشكل أروقة وأفنية داخلية تنسجم مع الإطار العام للتوسعة . ويبلغ ارتفاع الطابق الأرضي (12.55 م) بينما الدور السفلي المخصص للخدمات يبلغ ارتفاعه (4) أمتار , وعدد أعمدته (2414) عمودا وبلغت مساحته (83482) م2 شاملة مجاري تصريف المياه والحوائط .
وقد أعطي الدور السفلي عناية كبرى من جميع النواحي الهندسية والفنية , فقد صبت أرضياته بعد تقسيمها إلى (95) بلاطة , أصغرها بمساحة (480) م2 وأكبرها بمساحة (1527) م2 بسمك (10) سم , مع مراعاة تحديد مسارات شبكات الصرف والتغذية والتمديدات الكهربائية قبل عملية الصب , يتبعها طبقة عازلة للرطوبة فوقها تم صب طبقة أخرى من الخرسانة بسمك (5) سم , وفوق هذه الطبقة تم تمديد المواسير الكهربائية وغيرها من الخدمات , ثم صب طبقة من الخرسانة بسمك (25) سم .
وتقوية لأرضية الطابق السفلي وركائز الأعمدة وحمايتها من الحركة الأفقية لطبقات الأرض تم عمل جدار استنادي يحيط بمساحة مبنى التوسعة , وتم عزلها بمادة عازلة للرطوبة , وبني خلفها جدار من البلوك الأسمنتي المصمت , وأضيفت أيضا مادة عازلة لضمان أعلى مستوى من الحماية .
وعند صب سقف الدور السفلي وهو أرضيه الدور الأرضي روعيت جميع العوامل الضرورية من تمديدات وغيرها , إضافة إلى تحديد الفتحات الأربع لمرور الهواء المبرد حول كل عمود , وكذلك تم تركيب الحوامل التي تحمل تمديدات وقنوات ومجاري الهواء والتصريف والتمديدات الكهربائية المعلقة في سقف الدور السفلي , وبعد كل هذه العمليات تم الصب على الأسس الإنشائية وقسم إلى (95) بلاطة بنفس العدد في أرضية الدور السفلي , كذلك عدد البلاطات في سقف الدور الأرضي , وتم الصب الخرساني في كل المراحل ليلا إذا كان الطقس حارا , وذلك لضمان أعلى مستوى من الجودة اللازمة , ومطابقتها للمواصفات الفنية , ويستعمل في صب كل بلاطة ما معدله (895) م3 من الخرسانة .
المآذن
المئذنة رمز للمسجد في الإسلام , وهي السمة الشخصية الأبرز في كل بيوت الله , وتعد فن العمارة الإسلامية الحدود الفضائية لأركان المسجد , وعلى هذا الأساس روعي في تصميم مبنى التوسعة أن تحدد أركان مبنى التوسعة مآذن جديدة تتفق وتتلاءم مع الرونق العام للمبنى , الذي ضم ست مآذن جديدة , منها اثنتان على بوابة الملك فهد , وهي المدخل الرئيسي وتعلوها سبع قباب , ويحدها من كل جانب مئذنة .
والمآذن الست تعلو أركان مبنى التوسعة وبوابة الملك فهد , وترتفع من الأرض إلى نهاية الهلال الذي ينتصب في أعلاها (104) أمتار , وقد روعي في تصميمها أن تقوم على أساسات قوية , حيث أنشئت كل مئذنة على قاعدة خرسانية ترتكز على عدد من الأوتاد الضاربة في جذور الأرض , وبعمق ما بين (30 و 50) م , ويتراوح عدد الأوتاد الخرسانية والمغلفة بأسطوانات فولاذية ما بين (16 و 32) وتدا , وتعد الخرسانة المسلحة هي مادة البناء الرئيسية وتتكون المئذنة من خمسة طوابق :
الطابق الأول :
ويمثل القاعدة , وهي مربعة الشكل ويستمر المربع بطول ارتفاع مبنى الحرم ويعلو السطح ويلاحظ وجود شريط طولي محفور به عدة نوافذ صغيرة على الجانبين الظاهرين , وقد تمت زخرفة هذا الشريط بزخارف , وتم تكسية جزء القاعدة بنفس التكسية الخارجية للحرم , وتأتي الأحزمة المزخرفة مكونة بداية النهاية للقاعدة , فنجد حزاما عريضا به زخارف هندسية يليه حزام آخر بزخارف نباتية , ثم تبدأ الكرنشة لتنسيق المقرنصات التي تهيئ إطلالة الشرفة الأولى , وبالتأمل في المقرنصات نجد أنها جعلت من طبقات واضحة تتخللها تجاويف مزينة بزخارف نباتية , وقد زينت الشرفة المربعة بحاجز مزخرف بمربعات تحتوي على مثمنات ظاهرة تناسقت مع الزخارف أسفل منها .
الطابق الثاني :
مثمن يبدأ من أعلى الشرفة السابقة , وبالتأمل في هذا الجزء يمكن ملاحظة المثمن على درجات مختلفة من الظهور , فالجزء السفلي منه مثمن مضلع بسيط في تكسيته , ويوجد في هذا الجزء فتحة إلى الشرفة , والجزء الأوسط وهو يمثل جزء العقود المحمولة على أعمدة رقيقة , ويمثل مجموعة الأعمدة الثلاثة في ركن المثمن عنصرا يعكس التحول القادم في الطابق الثالث المستدير , ويتمثل تزيين هذا الجزء في العقود التي تنتهي بشكل مثلثات , ويظهر في خلفية العقود أرضية داكنة ونوافذ زجاجية طويلة جملت بحلوق بيضاء مزركشة , وقد حليت مرة أخرى مع وجود فتحات دائرية في كل ضلع محاطة بإطار بارز , وقد تمت تكسية هذا الجزء بأرضية بيضاء , وينتهي بمقرنصات تحمل أعلاها شرفة مثمنة , والمقرنصات في حد ذاتها مكونة من ثلاث طبقات بدون أي فراغات فيها , وقد زينت الشرفة المثمنة بحاجز مزخرف بمربعات تحتوي على مثمنات ظاهرة .
الطابق الثالث :
وهو مستدير وقد تمت تكسية أرضيته بلون رصاصي داكن , وحليته بدالات بارزة مموجة تقوم بعمل الأحزمة ويبلغ عددها اثني عشر حزاما , وينتهي هذا الطابق بمقرنصات مكونة من طابقين تحمل شرفة مستديرة وقد زينت الشرفة بحاجز مزخرف بمربعات تحتوي على مثمنات ظاهرة أيضا , ويعتبر هذا الطابق من الأجزاء المصمتة والتي تعكس قوة تحمل الأجزاء العلوية .
الطابق الرابع :
ويشكل العنق حيث الأعمدة الرخامية والأقواس الثمانية المثلثة الرءوس البارزة , وجموع تشكيلها يحيط بعصب السلم الدائري , ويعلو هذا الجزء أيضا مقرنصات من طابقين تحمل شرفة دائرية أصغر من سابقتها وعولجت بنفس الزخارف السابقة .
الطابق الخامس :
ويبدأ من أعلى الشرفة السابقة , ويمكن تقسيمه إلى عدة عناصر , حيث يبدأ بناء أسطواني مضلع ينتهي بتاج مشرشف يكون شرفة صغيرة تحمل الجزء العلوي , والذي يبدأ ببناء مخروطي تعلوه قبة بصلية هي أساس قاعدة الهلال البرونزي المطلي بالذهب عيار (24) قيراط .
وبالنظر إلى المآذن في الحرمين الشريفين نجد أن لمسة جمالية أخرى أضيفت إليها باستخدام الإنارة الصناعية , والتي أضفت تأثيرا ما بعده تأثير على البناء الشامخ , حيث أن الضوء المشع إلى أعلى يحيط بالمئذنة وكأنه يصعد بها إلى أعالي الفضاء
القباب المتحركة
استدعى المفهوم الحضاري للتوسعة استخدام أسلوب جديد في التهوية الطبيعية التي تساعد على توفير جو طبيعي فكان التفكير في إيجاد فتحات في الأسقف يمكن التحكم في فتحها وغلقها حسب الحاجة إليها في الظروف المناخية المتغيرة . وقد عملت في التصاميم سبع وعشرون فتحة , وكانت الفكرة أن تنصب على هذه الفتحات قباب , لكن المعضلة كانت في تحريك هذه القباب التي تزن كل واحدة منها (80) طنا , ومدى استجابتها للفتح والغلق في الظروف المطلوبة وبالسرعة المناسبة .
وقد شارك الكثير من المكاتب الهندسية المتخصصة من مختلف بلدان العالم بالأفكار , وقدموا التصاميم المقترحة , وبعد فحص الدراسات والأفكار والتصاميم تمت الترسية على مؤسسة ألمانية متخصصة , تضم مجموعة من المهندسين المسلمين , وقد عمل هؤلاء بالتشاور مع مهندسي مشروع التوسعة للوصول إلى التصميم الهندسي الأمثل الذي يتغلب على كل المشاكل التي تعترض طريق ابتكار قبة انزلاقية ذات محرك .
ولصعوبة هذا العمل هندسيا تم استنباط الوسيلة التكنيكية لحركة القبة باستخدام أحدث تقنيات الحاسب الآلي , حيث أسفر هذا الاستخدام عن تصميم حقق المعادلة الصعبة في عمل القبة , وهي التوازن بين سهولة الحركة وثقل وزن القبة , وقد صممت القباب بأبعاد هندسية متعددة , ودقيقة تماما , وقام الحاسب الآلي بالتصنيع الفعلي الميكانيكي لنموذج التصميم الأول .
ويبلغ عدد القباب سبعا وعشرين قبة , تركب كل واحدة منها على السطح على مساحة (18*18) م , وعلى ارتفاع (3.55) م فوق منسوب السطح , وعلى ارتفاع (16.65م) من منسوب الطابق الأرضي , ويبلغ نصف قطرها الداخلي (7.375) م , وارتفاعها (4) أمتار .
والقبة لها خاصية الانزلاق على مجار حديدية مثبتة فوق السطح ومدعمة بحوالي (17) هيكلا معدنيا ويتم تحريكها بطريقتين إما يدويا ويستغرق زمن هذه الطريقة نصف ساعة أو آليا عن طريقة التحكم عن بعد , ولا يزيد زمن فتحها عن نصف دقيقة . وإلى جانب إسهام هذه القباب في توفير جو طبيعي للتهوية فقد أضافت إلى التوسعة بعدا جماليا من الداخل والخارج , وقد صنعت الأسطح الداخلية للقباب من خشب الأرز المغربي , وقام بأعمال الحفر فيه حرفيون مغاربة يمارسون فنا تقليديا يدويا عريقا , واجتمعت فيها التقنية المتقدمة والحرفية التقليدية , فصنعت شكلا أخاذا , ويغلفها من الخارج بلاط زخرفي مشدود إلى زجاج ليفي من عدة رقائق , أما الحلقة السفلية من البطانة الداخلية فهي عبارة عن أفريز مزين بحجر أمازوني ضارب للزرقة , وهو من الحجارة شبه الكريمة .
والقبة بحركتها المهيبة على القضبان لقفل فتحات التهوية , عندما يصل النصفان إلى حالة التئام كامل تتجلى الروعة , وتبدو القبة بزخارفها وكأنها قطعة لم تنفصم قط .
الحصوات والساحات
لم تغفل الحصوات الداخلية من وجود وسيلة تظليل فاعلة تتم الاستفادة منها كمظلة عند الحاجة , وتغلق في المناخ غير المناسب , وعلى هذا فقد أقيمت مظلة ضخمة بارتفاع السقف نفسه , يتم فتحها وغلقها آليا لحماية المصلين من وهج الشمس أو الاستفادة من الجو الطبيعي حينما تسمح الظروف المناخية , وهذه المظلات معمولة من قماش مناسب يتحمل كل العوامل الطبيعية التي تتسم بها المدينة المنورة .
أما الساحات الخارجية , فقد تضمن تصميم المشروع توفير ساحات خارجية تحيط بالمسجد النبوي الشريف من الجهات الأربع , وتبلغ المساحة الإجمالية (235000 م2) وعرض هذه الساحات (207) م من الجهة الجنوبية من المسجد و (154 م) في الجهة الغربية و (144 م) في الجهة الشمالية و (27) م في الجهة الشرقية .
وقسمت هذه الساحات إلى قسمين , قسم مخصص للصلاة , ومساحته (135000) م2 وقسم آخر للخدمات , ومساحته (100000) م2 , وقد زودت هذه الساحات بحوالي (30) مدخلا , بها سلالم كهربائية وأخرى عادية تؤدي إلى مباني الخدمات , ومواقف السيارات التي تقع أسفل الساحات .
نفق الخدمات
وهو أحد الأعمال الهندسية البارعة في مشروع التوسعة , فرغم أن طوله حوالي (7) كلم , وعرضه (6.10) م إلا أنه يمثل تحديا هندسيا , لأنه يبدأ من مبنى المحطة المركزية ويمر تحت طريق الجامعات , ثم تحت وادي العقيق , ثم تحت الطريق الدائري الثاني , فأسفل طريق السكة الحديد , ويمر أسفل نفق المناخة ليصل إلى الطابق السفلي بالمسجد النبوي .
ويمر إلى جواره مجرى شبكات الخدمات العامة (الكابلات) وعلى بعد (13) م منه , وهذا المجرى يعتمد على (9) مواسير مصنوعة من كلوريد البولي فينيل قطر الواحد (125) مم .
ويرتبط نفق الخدمات مع المجرى بعبارات صندوقية مزدوجة ومفردة تحيط بالمسجد النبوي الشريف .
الأبواب ومراحل التصنيع
ولو أخذنا الأبواب الرئيسة في المسجد النبوي , والنوافذ , والمشربيات كنماذج للجهد والعلم والفن والتقنية , لرأينا عملا راقيا بكل المعايير , تم اختيار أفضل خام موجود , وأفضل تقنية متوفرة في أي مكان في العالم , فصنع الأبواب الضخمة كان أكثر العمليات تعقيدا , فقد تطلبت هذه العملية كميات ضخمة من خشب الساج , وتم الحصول على كل ما هو متوفر منه في أنحاء العالم وشحنه إلى اختصاصيي الخشب في المملكة المتحدة , ليجفف في أفران خاصة يتحكم فيها الحاسب الآلي , وقد كان عامل الزمن هو الذي دفع إلى عملية التجفيف الآلية , لأن التجفيف بالطريقة التقليدية يحتاج إلى سنوات عديدة .
واستغرقت عملية التجفيف خمسة شهور بسبب سمك الخشب غير الاعتيادي .
وبعد فحص دقيق للعملية تم شحنه إلى برشلونة في أسبانيا حيث صنعت منه الأبواب الضخمة , واستخدمت المناشير والأدوات المتقدمة التي توجهها وتتحكم بها أشعة الليزر في إعداد الألواح الخشبية على حسب المقاسات المطلوبة , وتم صنع هذه الأبواب بأساليب تقليدية عريقة في القدم , ولم تستعمل المسامير أو الغراء , إذ حفرت أخاديد في جوانب الألواح لتتداخل في بعضها ثم ثبتت بواسطة أسافين خشبية .
وفي الوقت الذي كانت الأعمال الراقية تشكل الأبواب في برشلونة , كانت هناك أعمال أخرى متممة في مدينة (رواه) الفرنسية , حيث كانت تصب العناصر الزخرفية النحاسية المصممة على نسق الفن الزخرفي الإسلامي , والتي ستزين الأبواب .
وقد شكلت هذه العملية امتحانا صعبا قياسا لفن صقل المعادن , فإلى جانب حجم الأبواب وأوزانها , فإن عملية الصقل كان من الضروري أن ترقى إلى أعلى مستويات الجودة , لأن كل عنصر زخرفي سيتم طلاؤه بالذهب , وهذه العملية تجعل أي عيب في الصقل مهما كان ضئيلا ظاهرا للعيان .
وفصلت أجزاء هذه العناصر بعضها عن بعض من أجل طلائها في أفضل المصانع المتخصصة , وتطلب هذا تصميم مغاطس لطلاء المعادن بحجم فوق الاعتيادي لتتسع للعناصر الزخرفية المصممة على شكل نصف دائري , ثم شحنت العناصر الزخرفية المصقولة إلى برشلونة لتثبت على الأبواب , وتوجب من بعد التوصل إلى توازن دقيق عند تركيب الأبواب في أماكنها في المسجد النبوي , لأن كل باب منها يزن (2.5) طن .
نوافذ الزجاج المزخرفة
أعمال الزجاج الملون هي حرفة إسلامية تبرز في توسعة خادم الحرمين الشريفين في المسجد النبوي , ولكنها على عكس الحرف الأخرى ظلت تعتمد على العمل اليدوي الحرفي الماهر , فقد قام الحرفيون بخرط خشب الساج لتشكيل القطع اللازمة لنوافذ وسواتر المشربيات التقليدية , والأبواب الداخلية , ثم قام الزجاجون الذين تمتد جذور حرفتهم إلى قرون عديدة بصنع النوافذ من زجاج خاص مغشى تمت زخرفتها على أيدي فنانين حاذقين , وكانت النتيجة قالبا بديعا يجمع بين خصائص مهارية , وخامات راقية وصناعة متفوقة , ومنظرا مستوحى من التراث الإسلامي . وقد أضفت هذه الأعمال الخشبية المطعمة بالنحاس والزخارف , وتيجان الأعمدة , والثريات المطلية بالذهب , وأعمال تكسية الرخام وغيرها , أضفت كل هذه الأعمال جلالا ومهابة وجمالا .
لغة الأرقام في خلاصة عامة للمسجد النبوي الشريف
جزئيات المشروع قبل التوسعة السعودية الأولى التوسعة السعودية الأولى توسعة وعمارة خادم الحرمين الشريفين الإجمالي ملاحظات مساحة المسجد (م2) 10303 6024 - 016327 قبل توسعة خادم الحرمين الشريفين مساحة المبنى الجديد - - 082000 - - مساحة سطح التوسعة - - 067000 - - الساحات المحيطة - - 235000 - - مجموع المساحات(م2) 10303 6024 384000 400327 بعد توسعة خادم الحرمين الشريفين مجموع المصلين 58000 95000 577000 730000 يصلون في الذروة إلى مليون مصل عدد المآذن 5 4 6 10 - ارتفاع المآذن 36 مترا 72 مترا 104 أمتار - - عدد السلالم الثابتة - - 18 18 - عدد مباني السلالم المتحركة - - 6- 6- - عدد الأبواب والمداخل 5 17 64 81 - عدد السقوف المتحركة - - 27 27 -
1-
أضيفت في مبنى التوسعة الجديدة (27) قبة متحركة بمساحة (300) م2 تقريبا للواحدة .
2-
يحتوي مبنى التوسعة على سبعة مداخل رئيسة بالجهة الشمالية والشرقية والغربية , يحتوي كل مدخل رئيسي بدوره على خمس بوابات متجاورة بالإضافة إلى بوابتين جانبيتين , وهناك أيضا مدخلان رئيسان بالجهة الجنوبية , يحتوي كل مدخل على ثلاث بوابات متجاورة بالإضافة إلى ست بوابات جانبية , وعشر بوابات لمداخل ومخارج السلالم الكهربائية المتحركة , وفي وسط الناحية الشمالية للتوسعة بوابة الملك فهد , وهي المدخل الرئيسي , يعلوه سبع قباب , وتحده من كل جانب مئذنة