منتـدى الأستاذ وجدي سليمان الصعيدي
الأستاذ / وجدي سليمان الصعيدي يرحب بالسادة الزائرين قاصدين المنتدى المتواضع متمني لكم كل الخير والاستفادة وشكرا لزيارتكم وتشريفكم للمنتدى
منتـدى الأستاذ وجدي سليمان الصعيدي
الأستاذ / وجدي سليمان الصعيدي يرحب بالسادة الزائرين قاصدين المنتدى المتواضع متمني لكم كل الخير والاستفادة وشكرا لزيارتكم وتشريفكم للمنتدى
منتـدى الأستاذ وجدي سليمان الصعيدي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتـدى الأستاذ وجدي سليمان الصعيدي

*العلم والمعرفة*كفرالشيخ/سيدي سالم/إصلاح شالما
 
التسجيلالصعيديالرئيسيةأحدث الصوردخول
عاشت مصر حرة أبية ووفقها الله سبحانه وتعالى إلى كل الخير وحفظها الله وجعلها الرائدة في الوطن العربي وفي العالم وحمى ابنائها جيشا وشعبا آمين
وجدي سليمان الصعيدى يرحب بكل الزوار الذين شرفو المنتدى المتواضع وأرجو الاستفادة لكل الزوار وأهدى باقة ورد لكل من سجل في المنتدى ليكون من أفراد عائلة المنتدى وشكرا للجميع
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ( 70 ) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما
بسم الله الرحمن الرحيم ...فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

 

 قطوف رمضانية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 2950
تاريخ التسجيل : 29/04/2011

قطوف رمضانية Empty
مُساهمةموضوع: قطوف رمضانية   قطوف رمضانية Icon_minitimeالجمعة يوليو 27, 2012 2:21 pm

لماذا الفتور بعد رمضان





ماذا بعد رمضان ؟ سؤال يردده الدعاة كثيراً بعد انقضاء هذا الموسم المبارك
، وذلك لما يرونه من انقلاب حال كثير من المسلمين عما كانوا عليه في شهر رمضان من
الصيام والقيام والذكر وتلاوة القرآن إلى هجر ذلك كله ، والعودة إلى الغفلة واللهو
، حتى غدا هذا الأمر ظاهرة بارزة ، فبينا ترى المساجد في رمضان مكتظة بالمصلين
والقارئين والذاكرين ، إذا بها بعد رمضان تئن من الهجر وتشكو الفراق والبعاد إلا
من النزر اليسير ، وهي ظاهرة تقتضي من المصلحين وقفة مراجعة ، لتقويم العوج
ومعالجة الخلل .






ولو رجعنا إلى الأسباب التي أدت إلى نشوء هذه الظاهرة لوجدنا أن من أهم
الأسباب تحول رمضان - في نظر كثير من المسلمين - من إطار العبادة إلى إطار العادة
، فكثير من الناس لا ينظر إلى رمضان إلا على أنه شهر تمارس فيه عادات معينة ينبغي
ألا يخالف الناس في أدائها ، فتجد البعض مثلا يصوم رمضان في حين أنه لا يصلي ،
وربما صلى التراويح من غير أن يقوم بالفريضة ... وهكذا ، مما يؤكد أن هؤلاء لم
يتعبدوا في رمضان إلا بمنطق العادة لا العبادة ، وبالتالي لم يحدث هذا الشهر
التغيير المطلوب في حياتهم ، ولذا فما أن يخرج الشهر حتى يعود كل واحد إلى ما كان
عليه .






وهناك سبب آخر وهو ما يشعر به المسلم - ولو كان عاصياً - من أجواء إيمانية
في هذا الشهر المبارك نتيجة ما ميزه الله به من تصفيد الشياطين ، وإقبال النفوس
على الطاعة ، وفتح أبواب الجنان ، وغلق أبواب النيران ، كل هذه الأجواء تساعد
المسلم على التقرب إلى ربه ، والبعد عن المعاصي والسيئات ، فإذا انتهى رمضان
واختفت تلك الأجواء عاد العاصي إلى معصيته .






ومن الأسباب كذلك ما يتسرب إلى النفوس الضعيفة من ملل وفتور بعد الحماس
والنشاط ، ولعل المتابع يلحظ ذلك في تناقص المصلين في التراويح في آخر الشهر
خلافاً لبدايته ، فالعبادة وإن كان لها أثر عظيم في طمأنينة النفس وسكونها ، إلا
أنها تحتاج إلى مجاهدة ومغالبة للنفس وأهوائها ، لأن النفس مطبوعة على حب الدعة
والقعود والإخلاد إلى العاجلة .






ولعلاج هذه الظاهرة ينبغي تعريف المسلم بعبوديته لربه ، وأن هذه العبودية
عبودية دائمة غير مقيدة بزمان ولا مكان ، وعمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله ،
قال الحسن البصري رحمه الله : " إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت
ثم قرأ قوله عز وجل:{ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } (الحجر 99) .






وينبغي تعريف المسلم كذلك أن شهر رمضان فضيلة تفضل الله بها على عباده ،
ليزدادوا إليه تقربا ، ويسارعوا في فعل الخيرات ، فإذا وقر ذلك في نفس المسلم كان
أحرص على عبادة ربه طيلة عمره فلا يقطعه عنها انقضاء شهر أو دخوله .






وفيما يتعلق بالملل والفتور ينبغي أن يعلم المسلم أن العبادة كثيراً ما
تأتي على خلاف هوى العبد ورغباته ، مما يتطلب قدراً من المجاهدة والمشقة في بداية
الأمر حتى تألف النفس الطاعة ثم تستقيم على أمر الله ، قال سبحانه:{ والذين جاهدوا
فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين } (العنكبوت:69) وصح عنه عليه الصلاة
والسلام أنه قال Sad حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ) رواه مسلم .






وحصول الفتور والتراخي بعد الجد والنشاط أمر وارد لأي عامل كما قال - صلى
الله عليه وسلم - ( إن لكل عمل شرة وإن لكل شرة فترة فمن كانت شرته إلى سنتي فقد
أفلح ومن كانت شرته إلى غير ذلك فقد هلك ) ، ولكن المحذور أن يخرجه الفتور إلى
التفريط في الفرائض والواجبات وانتهاك المحرمات والمنهيات قال ابن القيم رحمه الله
: " تخلل الفترات للسالكين أمر لا بد منه ، فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد
، ولم تخرجه من فرض ، ولم تدخله في محرم رجي له أن يعود خيرا مما كان " ،
وقال علي رضي الله عنه : "إن النفس لها إقبال وإدبار ، فإذا أقبلت فخذها
بالعزيمة والعبادة ، وإذا أدبرت فأقصرها على الفرائض والواجبات " .






فينبغي للمسلم إذا شعر من نفسه الملل والفتور أن لا يستجيب لها فيترك العمل
بالكلية ، ولكن ليعالج نفسه بشيء من الحكمة ، فلا يمنعها الترويح واللهو المباح ،
كما أنه لا يقطعها عن العمل ، ولكن لا بد من الموازنة ، حتى لا تنفر النفس من
الطاعة إذا أرغمها عليها العبد ، ولا يطلق لها العنان لتسبح في بحار اللهو
والمعاصي دون حسيب أو رقيب ، والقصد القصد تبلغوا .






إن من استفاد من رمضان استفادة حقيقية لا بد وأن يكون حاله بعده خيراً من
حاله قبله ، لأن من علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها ، ومن علامات ردها العودة إلى
المعاصي بعد الطاعات .






فاحرص - أخي الصائم - على المدوامة على الأعمال الصالحة التي تعودتها في
هذا الشهر الكريم ، فإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ ، وقد سئلت عائشة
رضي الله عنها كما في البخاري عن عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقالت :
" كان عمله ديمة " أي دائما مستمراً ، كالمطر الدائم الذي لا ينقطع .






وإذا كنا قد ودعنا شهر رمضان ، فإن المؤمن لن يودّع الطاعة والعبادة ما دام
في صدره نفس يتردد ، أما أولئك الذين يهجرون المساجد والطاعات مع مطلع العيد ،
فبئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان ، والله جل وعلا يقول : { قل إن صلاتي
ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت } (الأنعام:162) ،
فالحياة كلها يجب أن تكون لله في جميع الأحوال والأوقات والظروف .






فاجعل - أخي الصائم - من نسمات رمضان المشرقة مفتاح خير لسائر العام ،
واستقم على طاعة ربك ، وداوم ولو على القليل من العمل الصالح ، واسأله الثبات حتى
الممات .












الاعتكاف وتربية النفس





ما أحوج العبد إلى أن يخلو بنفسه في بعض الأوقات ، ويركن إلى زاوية الفكر
والذكر يتأمل حاله فيصلحه ، ويتأمل نعمة الله عليه فيحمده ويشكره ، في عالم ملأه
الضجيج والاضطراب والفتن .






ما أحوجه إلى أن يخلد إلى محراب الإيمان ليعتكف فيه لا هربا من الحياة
ومشكلاتها ، ولكن تجديداً لقوة النفس وثقتها وإيمانها بربها .






وما أجمل أن يكون هذا الاعتكاف في شهر مبارك امتلأ بمعاني الإيمان ، وفاحت
منه أريج الطاعات ، فالناس بين ذاكر وقاريء ومصل ، في هذا الجو الإيماني الفريد
يخلو العبد بربه ذاكراً شاكراً متفكراً في نعم الله عليه ، فيجلس الأيام والليالي
وهو على هذه الحال ، ليشعر بلحظات من السعادة تغمر قلبه وتملأ جوانحه ، لحظاتٍ لم
يشعرها في عالم الصخب والضجيج بكل ما فيه من زخارف الحياة المادية الجافة .






قدوته في ذلك نبيه - صلى الله عليه وسلم- الذي كان حريصاً على الاعتكاف وما
تركه حتى قبض – كما قال الزهري رحمه الله - ، فكان - صلى الله عليه وسلم- يعتكف في
مسجده في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قُبِضَ فيه اعكتف عشرين يوماً
كما روى ذلك أبو داود ، وترك النبي - صلى الله عليه وسلم- الاعتكاف مرة فقضاه في
شوال ، وكان في ابتداء أمره يعتكف في العشر الأول من رمضان ثم الوسطى ثم العشر
الأخيرة يلتمس ليلة القدر ، فلما تبين له أنها فيها داوم على اعتكافه فيها حتى لحق
بربه عز وجل ، وكان - صلى الله عليه وسلم- يتخذ لنفسه خباءً في المسجد ، لمزيد من
التفرغ للعبادة والخلوة ، وتفريغ القلب من الصوارف والشواغل .






لهذا أصبح الاعتكاف سنة لسائر المسلمين يعيشون فيه حياة ملؤها الإيمان
واليقين ، مما يعينهم على الاستمرار في عمل الصالحات ، والثبات في مسيرة الحياة ،
ويصبح الاعتكاف للمسلم بمثابة بوصلة التصحيح التي تصوب له سيره تجاه هدفه ، فلا
يغيب عنه ولا يضل .






وللاعتكاف فوائد كثيرة أهمها : زيادة الصلة الإيمانية بالله ، وإخلاص العمل
له ، والتفرغ لعبادته وطاعته ، وتربية النفس وجهاد الهوى ، والبعد عن الصوارف
والشواغل ، والإكثار من أنواع العبادات التي تزكي النفس ، وتجعل المرء أكثر قدرة
على مواجهة فتن الحياة ، ولهذا كان مقصود الاعتكاف وروحه كما يقول ابن القيم رحمه
الله : " عكوف القلب على الله تعالى ، وجمعيته عليه ، والخلوة به ، والانقطاع
عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه ، بحيث يصير ذكره وحبه ، والإقبال
عليه في محل هموم القلب وخطراته ، فيستولي عليه بدلها ، ويصير الهم كله به ،
والخطرات كلها بذكره ، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه ، فيصير أنسه بالله
بدلاً عن أنسه بالخلق ، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له
، ولا ما يُفرح به سواه ، فهذا هو مقصود الاعتكاف الأعظم " أهـ .






ولذا ينبغي للمعتكف أن يراعي في اعتكافه تحصيل هذه الغايات العظيمة ، وألا
يخرج من معتكفه خالي الوفاض ، كحال من يجعل المساجد مهجعاً للنوم ، وعنوانا
للتزاور وتجاذب أطراف الحديث والضحك وفضول الكلام !! .






كما ينبغي له أن يعتني بأمور منها : المحافظة على ذكر الله ، وخاصة المأثور
منها كأذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ والأكل والشرب والدخول والخروج ،
ومن أعظم الذكر قراءة القرآن ، فليحرص المعتكف على أن يتفرغ لقراءته بتدبر وخشوع
وفهم ، في الصلاة وفي غيرها ، وأن يجعل له ورد لا يفرط فيه مع مضاعفة الجهد .






وعليه أن يتجنب فضول الأكل ، فإن قلة الطعام توجب رقة القلب وانكسار النفس
، كما أنها تطلق المرء من قيود الكسل والدعة والخمول ، قال عمر رضي الله عنه :
"من كثر أكله لم يجد لذكر الله لذة " والاعتكاف فرصة للمرء ليُربي نفسه
على التقلل والتزهد ، ويجاهدها على الاستغناء عن كثير مما اعتادته .






وعليه أن يحرص كذلك على تجنب فضول المخالطة ، فإن كثرة الخلطة تقصر همة
العبد ، وتفقده لذة المناجاة ، وتفوت المقصود من الخلوة والاعتكاف ، و هي مظنة
كثرة المزاح والتقليل من هيبة المكان والزمان ، وقد تجر إلى بعض الآثام كالغيبة
والكذب وغير ذلك .






فاحرص أخي الصائم على إحياء هذه السنة العظيمة ، والاقتداء فيها بسيد الخلق
- صلى الله عليه وسلم- وسلف الأمة الصالحين ، وتوجه بقلبك وجوارحك إلى الله عز وجل
في ذل وخضوع وانكسار ، حتى تخرج منها وقد ازددت إيماناً وتقوى وقرباً من ربك جل
وعلا لتلحق بركب المقبولين الفائزين ، قبل أن تطوى الصحف وتوضع الموازين .









من معاني الصيام





غير خاف على أحد أن الله عز وجل لم يشرع العبادة ويوجبها على عباده لحاجته
إليها ، فهو الغني سبحانه ، وإنما شرعها لحكم ومعان عظيمة ، ومقاصد جليلة, تعود
على العبد نفسه بالنفع في دينه ودنياه .






وإذا كان المقصود الأول من العبادة هو الاستسلام والانقياد والعبودية
والإذعان ، وقدم الإسلام لا تثبت إلا على ظهر الاستسلام لله سبحانه ، فلا يعني ذلك
خلو هذه العبادات عن الحكمة ، وأن لا يبحث المسلم عن المعاني والأسرار الكامنة
وراء الأوامر والنواهي .






والصوم شأنه شأن سائر العبادات والقربات له معانٍ وأسرار عظيمة يمكن تلمسها
والوقوف عندها لمعرفة الحكمة من مشروعية هذه العبادة الجليلة .






أول هذه المعاني والتي تشترك فيها جميع العبادات , أن الصوم فيه تربية على
العبودية والاستسلام لله جل وعلا , فعندما تغرب الشمس يأكل الصائم ويشرب امتثالا
لأمر الله , وإذا طلع الفجر يمسك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات , فهو يتعبد الله
عز وجل في صيامه وفطره , فإذا أمره ربه عز وجل بالأكل في وقت معين أكل , وإذا أمره
بضد ذلك في وقت آخر امتثل ، فالقضية إذاً ليست قضية أذواق وأمزجة , وإنما هي قضية
طاعة واستسلام وانقياد لأمر الله .






والصوم كذلك يربي في النفس مراقبة الله عز وجل , وإخلاص العمل له , والبعد
عن الرياء والسمعة , فهي عبادة بين العبد وبين ربه جل وعلا , ولهذا جاء أن الصوم
عبادة السر , فإن بإمكان الإنسان ألا يصوم , وأن يتناول أي مفطر من المفطرات من
غير أن يشعر به أحد من الناس, بل إنه بمجرد تغيير النية وقطعها يفطر ولو لم يتناول
شيئا من المفطرات طوال يومه , فامتناعه عن ذلك كله على الرغم من أنه يستطيع الوصول
إليه خفية , دليل على استشعاره اطلاع الله على سرائره وخفاياه , ومراقبته له ,
ولأجل هذا المعنى اختص الله جل وعلا عبادة الصوم من بين سائر العبادات , ولم يجعل
لها جزاء محدداً , قال - صلى الله عليه وسلم- : ( كل عمل ابن آدم يضاعف , الحسنة
عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف , قال الله عز وجل : إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به
, يدع شهوته وطعامه من أجلي ) أخرجه مسلم . فقوله جل وعلا ( من أجلي ) تأكيد لهذا
المعنى العظيم .






والصوم يربي العبد على التطلع إلى الدار الآخرة , وانتظار ما عند الله عز
وجل , حيث يتخلى الصائم عن بعض شهوات النفس ومحبوباتها , تطلعا إلى ما عند الله عز
وجل من الأجر والثواب , وفي ذلك توطين للنفس على الإيمان بالآخرة , والتعلق بها ,
والترفع عن عاجل الملاذ الدنيوية , التي تقود إلى التثاقل إلى الأرض والإخلاد
إليها .






والصوم يربي النفس على الصبر , وقوة الإرادة والعزيمة , فإن الصبر لا يتجلى
في شيء من العبادات كما يتجلى في الصوم , والمقصود من الصوم إنما هو حبس النفس عن
الشهوات , وفطامها عن المألوفات , ولهذا كان نصف الصبر , والله تعالى يقول :
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ( الزمر :10) .






وفي الصوم كذلك تربية للمجتمع ، وتنمية للشعور بالوحدة والتكافل بين
المسلمين , فالصائم حين يرى الناس من حوله صياما كلهم , فإنه يشعر بالترابط
والتلاحم مع هذا المجتمع , فالكل صائم , والكل يتذوق لذة بالجوع في سبيل الله ، والكل يمسك ويفطر دون تفريق أو امتياز , لا
يستثنى من ذلك أحد لغناه أو لجاهه أو منصبه , فأكرمهم عند الله أتقاهم , وأفضلهم
أزكاهم .






فما أعظمها من صورة معبرة عن وحدة المجتمع في ظل العبودية لله جل وعلا .





والصوم يضيّق مجاري الدم , ويخمد نيران الشهوات , ويقلل فرص إغواء الشيطان
لابن آدم , فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم , ولذلك قال النبي - صلى الله
عليه وسلم- كما في الصحيح : ( الصوم جنة ) ، أي وقاية يتقي به العبد الشهوات
والمعاصي , ولهذا أمر - صلى الله عليه وسلم- من اشتدت عليه شهوة النكاح مع عدم
قدرته عليه بالصيام ، وجعله وجاءً لهذه الشهوة ومخففا من حدتها .






ومن معاني الصوم أن يتذكر الصائم بصومه الجائعين والمحتاجين , فيتألم
لآلامهم , ويشعر بمعاناتهم , فالذي لا يحس بالجوع والعطش قد لا يشعر بمعاناة غيره من
أهل الفقر والحاجة , وإذا كان أحدنا يجد ما يفطر عليه من الطعام والشراب , فغيرنا
قد لا يجد شيئا من ذلك .






تلك هي بعض معاني هذه العبادة العظيمة , وقد جمعها الله عز وجل في قوله : {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( البقرة : 183) فالحكمة التي
شرع الصوم من أجلها هي تحقيق تقوى الله عز وجل, وهي ثمرة الصوم الشرعي ونتيجته ,
ومالم يكن الصوم طريقا لتحصيل هذه التقوى فقدْ فَقَدَ الغاية والمعنى الذي شرع
لأجله , فليس المقصود من الصيام هو مجرد الامتناع عن الطعام والشراب والجماع فقط
دون أي أثر لهذا الصوم على حياة الإنسان وسلوكه , ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم
- كما عند البخاري : ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع
طعامه وشرابه ) وقال : ( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ) رواه الإمام أحمد
وابن ماجه بسند صحيح , قال جابر رضي الله عنه " إذا صمت فليصم سمعك وبصرك
ولسانك عن الكذب والمآثم , ودع أذى الجار , وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك , ولا
تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء " .






فينبغي للمسلم أن يستحضر هذه المعاني وهو يؤدي عباد ة الصوم , حتى لا تخرج
العبادة عن مقصودها , وحتى لا تتحول إلى عادة يؤديها مسايرة للبيئة والمجتمع .












آداب الصيام





الأدب عنوان فلاح المرء ، ومناط سعادته في الدنيا والآخرة , وأكمل الأدب
وأعظمه هو الأدب مع الله جل وعلا بتعظيم أمره ونهيه والقيام بحقه، ولذا فإن لكل
عبادة أدب , فالصلاة لها أدب , والحج له أدب , والصوم كذلك له آداب عظيمة لا يتم
إلا بها , ولا يكمل إلا بأدائها .






وآداب الصيام منها ما هو واجب يلزم العبد أن يحافظ عليها ويلتزم بها ,
ومنها ما هو مستحب يزداد العبد بفعله أجرا وثواباً .






فمن الآداب الواجبة : أن يقوم الصائم بما أوجب الله عليه من العبادات
القولية والفعلية , ومن أهمها الصلاة المفروضة , التي هي آكد أركان الإسلام بعد
الشهادتين , فيجب على الصائم المحافظة عليها , والقيام بأركانها وشروطها , وأدائها
مع جماعة المسلمين , وكل ذلك من التقوى التي شُرع الصيامُ من أجلها .






ومن الآداب الواجبة : أن يجتنب الصائم جميع ما حرم الله عليه من الأقوال
والأفعال , فيحفظ لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة والسب والشتم وفحش القول ,
ويحفظ بصره عن النظر إلى المحرمات , ويحفظ أذنه عن الاستماع للحرام , ويحفظ بطنه
عن كل مكسب خبيث محرم .






وليس من العقل والحكمة أن يتقرب العبد إلى ربه بترك المباح كالطعام والشراب
, ولا يتقرب إليه بترك ما حُرِّم عليه في كل حال , ولهذا يقول - صلى الله عليه
وسلم- كما في الصحيح : ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع
طعامه وشرابه ) .






وأُمِر الصائم بحفظ لسانه عن اللغو وفحش القول والجهل على الناس حتى وإن
تعرض للأذى من غيره ، يقول - صلى الله عليه وسلم- : ( الصيام جنة وإذا كان يوم صوم
أحدكم فلا يرفث ولا يصخب , فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم ... ) رواه
البخاري ومسلم .






فحقيقة الصيام إذاً ليست مجرد الإمساك عن المفطرات الحسية فقط , فإن ذلك
أهون ما في الأمر , كما قال بعضهم : " أهون الصيام ترك الشراب والطعام "
, وقال عليه الصلاة والسلام : ( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ) رواه الإمام
أحمد وابن ماجه بسند صحيح ، بل لا بد مع
ذلك من حفظ الجوارح واستعمالها فيما يرضي الله :






إذا لم يكن في السمع مني تصاونٌ


وفي بصري غضٌّ وفي منطقي صَمتُ


فحظي إذاً من صوميَ الجوع والظما


فإن قلتُ إني صمت يومي فما صُمت





يقول جابر رضي الله عنه مبيناً حقيقة الصيام : " إذا صمت فليصم سمعك
وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم , ودع أذى الجار , وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك
, ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء " .






وأما الآداب المستحبة فمنها : السحور وهو الأكل آخر الليل , وسمي بذلك لأنه
يقع في وقت السَّحَر , وقد أمر به - صلى الله عليه وسلم- فقال : ( تسحروا فإن في
السحور بركة ) . متفق عليه , وهو الفاصل بين صيامنا وصيام أهل الكتاب , والسنة
تأخيره , ويتحقق السحور ولو بشربة ماء .






ومن الآداب المستحبة : تعجيل الفطر ، قال - صلى الله عليه وسلم- : ( لا
يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) . متفق عليه .






وينبغي للصائم أن يحرص على الدعاء عند فطره فإن للصائم عند فطره دعوة لا
ترد , ويسن له أن يقول ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ) رواه
أبو داود .






ومن آداب الصيام المستحبة : كثرة قراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقة ,
والاستكثار من أنواع الخير والعمل الصالح .






هذه بعض آداب الصيام , فلتحرص -أخي الصائم- على التأدب بها, وأن تحفظ صومك
من كل ما يجرحه أو ينقص أجره ، نسأل الله أن يرزقنا حسن الأدب معه , وأن يتقبل منا
صيامنا وقيامنا، إنه جواد كريم .












رمضان شهر الدعاء





في سياق آيات الصيام جاءت لفتة عجيبة تخاطب أعماق النفس ، وتلامس شغاف
القلب ، وتسرِّي عن الصائم ما يجده من مشقة ، وتجعله يتطلع إلى العوض الكامل
والجزاء المعجل ، هذا العوض وذلك الجزاء الذي يجده في القرب من المولى جل وعلا ،
والتلذذ بمناجاته ، والوعد بإجابة دعائه وتضرعه ، حين ختم الله آيات فرضية الصيام
بقوله سبحانه : {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }( البقرة 186) فهذه الآية تسكب في نفس
الصائم أعظم معاني الرضا والقرب ، والثقة واليقين ، ليعيش معها في جنبات هذا
الملاذ الأمين والركن الركين .






كما أنها تدل دلالة واضحة على ارتباط عبادة الصوم بعبادة الدعاء ، وتبين أن
من أعظم الأوقات التي يُرجى فيها الإجابة والقبول شهر رمضان المبارك الذي هو شهر
الدعاء .






وقد جاءت النصوص الشرعية مبينة عظم شأن الدعاء وفضله ، فالدعاء هو العبادة
، وهو أكرم شيء على الله ، ومن أعظم أسباب دفع البلاء قبل نزوله ، ورفعه بعد نزوله
، كما أنه سبب لانشراح الصدر وتفريج الهم وزوال الغم ، وهو مفزع المظلومين وملجأ
المستضعفين ، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء .






وإني لأدعو اللهَ والأمرُ ضيقٌ
عليَّ فما ينفك أن يتفرّجا






وربَّ فتىً ضاقتْ عليه وجوهُهُ
أصاب له في دعوة الله مَخْرَجا






وللدعاء شروط وآداب ينبغي مراعاتها والأخذ بها حتى يكون الدعاء مقبولاً
مستجاباً :






يأتي في مقدمتها إخلاص الدعاء لله ، وإفراده سبحانه بالقصد والتوجه ، فلا
يدعو إلا الله ولا يسأل أحداً سواه .






ولا بد من قوة الرجاء وحضور القلب وعدم الغفلة عند الدعاء لقوله - صلى الله
عليه وسلم- : ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب
دعاءً من قلب غافل لاه ) رواه الترمذي .






وعلى الداعي أن يجزم في المسألة ولا يتردد ، ولا يستعجل الإجابة لقوله -
صلى الله عليه وسلم- : (لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت ، ارحمني إن شئت ،
ارزقني إن شئت ، وليعزم مسألته ، إنه يفعل ما يشاء لا مكره له ) ، وقوله : (
يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري .






وليتحر الأوقات والأحوال التي تكون الإجابة فيها أرجى كليلة القدر ، وجوف
الليل الآخر ، ودبر الصلوات المكتوبات ، وبين الأذان والإقامة ، وآخر ساعة من يوم
الجمعة ، وحال السجود ، والصيام والسفر
وغير ها من أوقات الإجابة .






وليقدم بين يدي دعائه الثناء على الله جل وعلا ، والصلاة على - النبي صلى
الله عليه وسلم – والإقرار والاعتراف بالذنب والخطيئة ، فعن فضالة بن عبيد قال
: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
قاعداً إذ دخل رجل فصلى فقال : " اللهم اغفر لي وارحمني " ، فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عجلت أيها المصلي ، إذا صليت فقعدت فاحمد الله
بما هو أهله وصل علي ، ثم ادعه ) رواه الترمذي .






وعليه أن يلح في دعائه وتضرعه ، ويعظم المسألة ، ويظهر الفاقة والمسكنة ،
ويدعو في جميع الأحوال من شدة ورخاء ومنشط ومكره ، ويكرر دعاءه ثلاثاً ، قال - صلى
الله عليه وسلم- : ( إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه ) رواه الطبراني ، وقال
: ( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكُرَب فليكثر الدعاء في الرخاء )
رواه الترمذي .






ويستحب أن يتطهر ويستقبل القبلة ، ويرفع يديه حال الدعاء ، يقول - صلى الله
عليه وسلم - : ( إن الله حي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا
خائبتين ) رواه الترمذي .






وعلى الداعي أن يخفض صوته بين المخافتة والجهر لقوله جل وعلا : (ادعوا ربكم
تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) (الأعراف55) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم- :
( يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنكم تدعون
سميعًا قريبًا وهو معكم ) رواه البخاري .






وليتخير جوامع الدعاء ، والأدعية المأثورة التي جاءت النصوص بأنها أرجى
للقبول والإجابة كقوله - صلى الله عليه وسلم- : ( دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن
الحوت ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) فإنه لم يدع بها رجل مسلم في
شيء قط إلا استجاب الله) رواه الترمذي .






وليبتعد عن السجع المتكلف ، ومراعاة تنميق العبارات ، وتزويق الألفاظ ، فإن
العبرة بما في القلب من صدق التوجه والإقبال على الله ، وقد كان - صلى الله عليه
وسلم - يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك .






وعلى الداعي أن يطيب مطعمه ومشربه حتى يكون مجاب الدعوة ، وألا يدعو إلا
بخير ، وأن يتجنب الاعتداء في دعائه ، ولا يدعو على نفسه وماله وأهله لقوله - صلى
الله عليه وسلم- : ( لا تدعوا على أنفسكم ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على
أموالكم ، لا توافقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم ) ، وقوله : (
لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) رواه مسلم .






هذه بعض آداب الدعاء وشروطه على سبيل الإجمال ، فاحرص أخي الصائم على
استغلال الأوقات والأحوال الشريفة في هذا الشهر المبارك ، وأكثر من الدعاء لنفسك
ووالديك وأولادك ، وإخوانك من المؤمنين والمؤمنات ، وتعرض لنفحات الله ، لعله أن
تصيبك نفحة لا تشقى بعدها أبداً .












وداع رمضان





ها هو شهر الخير قد قوضت خيامه ، وتصرمت أيامه ، فحق لنا أن نحزن على فراقه
، وأن نذرف الدموع عند وداعه .






وكيف لا نحزن على فراقه ونحن لا ندري هل ندرك غيره أم لا ؟ كيف لا تجري
دموعنا على رحيله ؟ ونحن لا ندري هل رفع لنا فيه عمل صالح أم لا ؟ وهل ازددنا فيه
قرباً من ربنا أم لا ؟ كيف لا نحزن عليه وهو شهر الرحمات ، وتكفير السيئات ،
وإقالة العثرات ؟! .






يمضى رمضان بعد أن أحسن فيه أقوام وأساء آخرون ، يمضى وهو شاهد لنا أو
علينا ، شاهد للمشمر بصيامه وقيامه وبره وإحسانه ، وشاهد على المقصر بغفلته
وإعراضه ونسيانه .






رمضان سوق قام ثم انفض ، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر ، فلله كم سجد فيه
من ساجد ؟ وكم ذكر فيه من ذاكر ؟ وكم شكر فيه من شاكر ؟ وكم خشع فيه من خاشع ؟ وكم
فرّط فيه من مفرِّط ؟ وكم عصى فيه من عاص ؟ .






ارتحل شهر الصوم ، فما أسعد نفوس الفائزين ، وما ألذ عيش المقبولين ، وما
أذل نفوس العصاة المذنبين ، وما أقبح حال المسيئين المفرطين .






لابد من وقفة محاسبة جادة ننظر فيها ماذا قدمنا في شهرنا من عمل ؟ وما هي الفوائد
التي استفدناها منه ؟ وما هي الأمور التي قصرنا فيها ؟ فمن كان محسناً فليحمد الله
وليزدد إحسانا وليسأل الله الثبات والقبول والغفران ، ومن كان مقصراً فليتب إلى
مولاه قبل حلول الأجل .






تذكر أيها الصائم وأنت تودع شهرك سرعة مرور الأيام ، وانقضاء الأعوام ، فإن
في مرورها وسرعتها عبرة للمعتبرين ، وعظة للمتعظين قال عز وجل: { يقلب الله الليل
والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار } (النور 44) ، بالأمس القريب كنا نتلقى
التهاني بقدومه ونسأل الله بلوغه ، واليوم نودعه بكل أسىً ، ونتلقى التعازي برحيله
، فما أسرع مرور الليالي والأيام ، وكر الشهور والأعوام .






والعمر فرصة لا تمنح للإنسان إلا مرة واحدة ، فإذا ما ذهبت هذه الفرصة وولت
، فهيهات أن تعود مرة أخرى ، فاغتنم أيام عمرك قبل فوات الأوان ما دمت في زمن
الإمكان ، قال عمر بن عبد العزيز : " إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل
أنت فيهما " ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : "ما ندمت على شيء ندمي على
يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي " .






وتذكر دائماً أن العبرة بالخواتيم ، فاجعل ختام شهرك الاستغفار والتوبة ،
فإن الاستغفار ختام الأعمال الصالحة ، وقد قال عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم-
في آخر عمره : {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً
فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً } (سورة النصر) ، وأمر سبحانه الحجيج بعد
قضاء مناسكهم وانتهاء أعمال حجهم بالاستغفار فقال جل وعلا : { ثم أفيضوا من حيث أفاض
الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } (البقرة 199) .






كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يجتهدون في إتمام العمل وإتقانه ثم
يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده ، كما وصف الله عباده المؤمنين بأنهم :
{يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون } ( المؤمنون 60) ، فهل شغلك
أخي الصائم هذا الهاجس وأنت تودع شهرك ، قال علي رضي الله عنه : " كونوا
لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل ، ألم تسمعوا إلى قول الحق عز وجل : {إنما
يتقبل الله من المتقين } ( المائدة 27) ، وكان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان :
" ياليت شعري من هذا المقبول منَّا فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه ، أيها
المقبول هنيئاً لك ، أيها المردود جبر الله مصيبتك " .






اللهم لك الحمد أن بلغتنا شهر رمضان ، اللهم تقبل منا الصيام والقيام ،
وأحسن لنا الختام ، اللهم اجبر كسرنا على فراق شهرنا ، وأعده علينا أعواماً عديدة
وأزمنة مديدة ، واجعله شاهداً لنا لا علينا ، اللهم اجعلنا فيه من عتقائك من النار
، واجعلنا فيه من المقبولين الفائزين.















رمضان شهر الجهاد





الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام ، وبه تنال العزة في الدنيا والآخرة
، وهو من أفضل الأعمال وأجل القربات ، وما ذل المسلمون إلا عندما تركوا الجهاد ،
وركنوا إلى الدنيا ، فتكالب عليهم الأعداء ، وتداعت عليهم الأمم كما تداعى الأكلة
إلى قصعتها ، والتذكير بالجهاد في هذا الشهر المبارك ، تذكير بماض مشرق نحن أحوج
ما نكون إلى الاسترشاد به ، لنخرج من أزمة طال أمدها ، وبعد زمنها ، حتى صرنا في
مؤخرة الأمم ، وأصبحنا مع كثرتنا غثاءً كغثاء السيل ، فنزع الله المهابة من قلوب
أعدائنا لنا ، وقذف في قلوبنا الوهن - حب الدنيا وكراهية الموت - ، فالتذكير
بالماضي ينبغي أن يساق للعبرة ، وللإفادة منه في صنع حاضرنا ، ورسم صورة مشرقة لمستقبلنا
.






أمر الله عز وجل بالجهاد وحث عليه ، ورغب فيه حتى وصف من يبذل نفسه في
سبيله بمن يبيع نفسه لله ، ونعم البيع ذلك البيع فقال عز وجل : {إن الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقْتُلون
ويُقْتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله
فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم } ( التوبة 111) ، وسمى
سبحانه الجهاد تجارة ولكنها تجارة مع الله ، وليس المثمن دراهم ودنانير ، ولكنه
النصر في الدنيا والجنة في الآخرة ، قال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم
على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله
بأموالكم وأنفسكم ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون }( الصف:11) .






ووردت في فضل الجهاد الأحاديث المتكاثرة ، من ذلك ما جاء أن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - سئل أي العمل أفضل ؟ قال : ( الإيمان بالله والجهاد في سبيله
) متفق عليه ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من
الدنيا وما فيها ) متفق عليه ، وقال : ( إن في الجنة مائة درجة أعدها الله
للمجاهدين في سبيل الله ،ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض .... الحديث )
رواه البخاري .






وليست الغاية من الجهاد في الإسلام إزهاق النفوس وتدمير الممتلكات ، وترميل
النساء ، ولكن الغاية هي نشر دين الله في الأرض ، وإزاحة المعوقات والعقبات التي
تحول بين الناس وبين وصول دعوة الله إليهم ، حتى يقبلوا على الإسلام لا يعوقهم عنه
جور جائر ، ولا تسلط باغٍ .






وشهر رمضان المبارك هو شهر الجهاد ، وفيه وقعت أعظم معركتين في حياة الرسول
- صلى الله عليه وسلم- الأولى معركة بدر الكبرى التي كانت فرقاناً فرق الله به بين
الحق والباطل ، وأصبح للمسلمين بعدها العزة والمنعة .






الثانية فتح مكة ، وبها زالت غربة الإسلام الأولى ، وسقطت رايات الوثنية في
البلد الحرام ، وأصبح الإسلام عزيزاً في أرجاء الجزيرة العربية .






وكذلك كان هذا الشهر عند سلف الأمة ، فكثير من الأحداث والفتوحات التي كان
لها أعظم الأثر في حياة المسلمين وقعت في هذا الشهر الكريم .






ومما يؤسف له أن هذا المفهوم قد انقلب في نفوس كثير من المسلمين اليوم ،
فبعد أن كان رمضان شهر الجهاد والعمل والتضحية ، أصبح شهراً للكسل والبطالة وفضول
النوم والطعام ، وهو انتكاس خطير في المفاهيم ، يجب تصحيحه ، حتى تعيش الأمة رمضان
كما عاشه نبينا - صلى الله عليه وسلم- وسلف الأمة من بعده جهادا وعبادة وعملاً
وتضحية ، وصدق نبينا - صلى الله عليه وسلم- حين قال : ( إذا تبايعتم بالعينة ،
وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلاًّ لا
ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ) رواه أبو داود .












رمضان والتوبة





من أعظم نعم الله على عباده أن فتح لهم باب التوبة والإنابة ، وجعل لهم فيه
ملاذاً أميناً ، وملجأً حصيناً ، يلجه المذنب ، معترفاً بذنبه ، مؤملاً في ربه ،
نادماً على فعله ، ليجد في قربه من ربه ما يزيل عنه وحشة الذنب ، وينير له ظلام
القلب ، وتتحول حياته من شقاء المعصية وشؤمها ، إلى نور الطاعة وبركتها .






فقد دعا الله عباده إلى التوبة مهما عظمت ذنوبهم وجلَّت سيئاتهم ، وأمرهم
بها ورغبهم فيها ، ووعدهم بقبول توبتهم ، وتبديل سيئاتهم حسنات رحمة ولطفاً منه
بالعباد .






ومنزلة التوبة هي أول المنازل وأوسطها وآخرها ، لا يفارقها العبد ولا ينفك
عنها حتى الممات ، وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل بها واستصحبها معه ، فهي بداية
العبد ونهايته ، ولذا خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه ، وأمرهم أن يتوبوا
إليه بعد إيمانهم وصبرهم وجهادهم ، وعلق الفلاح بها ، فقال سبحانه: {وتوبوا إلى
الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } ( النور 31) ، وقسَّم العباد إلى تائب
وظالم فليس ثم قسم ثالث ، قال سبحانه:{ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون }(الحجرات :
11) ، وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب
مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه
مسلم .






وإذا كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما
تأخر يقول : ( يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في
اليوم مائة مرة ) رواه مسلم ، فكيف بغيره من المذنبين والمقصرين .






والتوبة الصادقة تمحو الخطايا والسيئات مهما عظمت ، حتى الكفر والشرك ، فإن
الله تبارك وتعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره ، قال سبحانه : {قل للذين كفروا إن
ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين }( الأنفال 38) ، بل
حتى الذين قتلوا الأنبياء ، وقالوا إن الله ثالث ثلاثة ، وقالوا إن الله هو المسيح
بن مريم - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً – دعاهم للتوبة ، وفتح لهم أبواب
المغفرة فقال سبحانه : {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم }
(المائدة 74) ، وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل : ( يا عبادي إنكم تخطئون
بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعاً ، فاستغفروني أغفر لكم ) رواه مسلم ،
وفي حديث آخر : ( يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا
أبالي ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا
لأتيتك بقرابها مغفرة ) رواه الترمذي .






ورمضان من أعظم مواسم التوبة والمغفرة وتكفير السيئات ، ففي الحديث الذي
رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات لما بينهن إذا
اجتنبت الكبائر ) كيف وقد جعل الله صيامه وقيامه وقيام ليلة القدر على وجه الخصوص
إيماناً واحتساباً مكفراً لما تقدم من الذنوب ؟! والعبد يجد فيه من العون ما لا
يجده في غيره ، ففرص الطاعة متوفرة ، والقلوب على ربها مقبلة ، وأبواب الجنة مفتحة
، وأبواب النار مغلقة ، ودواعي الشر مضيقة ، والشياطين مصفدة ، وكل ذلك مما يعين
المرء على التوبة والرجوع إلى الله .






فلذلك كان المحروم من ضيع هذه الفرصة ، وأدرك هذا الشهر ولم يغفر له ،
فاستحق الذل والإبعاد بدعاء جبريل عليه السلام وتأمين النبي - صلى الله عليه وسلم-
، حين قال جبريل : ( يا محمد ، من أدرك شهر رمضان فمات ولم يغفر له فأُدخل النار
فأبعده الله ، قل : آمين ، فقال : آمين ) رواه الطبراني ، وقال - صلى الله عليه
وسلم- : ( رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ) رواه الترمذي .






وإذا كان الله عزوجل قد دعا عباده إلى التوبة الصادقة النصوح في كل زمان ،
فإن التوبة في رمضان أولى وآكد ، لأنه شهر تسكب فيه العبرات ، وتقال فيه العثرات ،
وتعتق فيه الرقاب من النار ، ومن لم يتب في رمضان فمتى يتوب ؟ !.






وللتوبة شروط ستة لابد من توفرها لكي تكون صحيحة مقبولة :





أولها : أن تكون خالصة لله تعالى .





ثانيها : أن تكون في زمن الإمكان ، أي قبل أن تطلع الشمس من مغربها فإذا
طلعت الشمس من مغربها لم تنفع معها التوبة ، قال تعالى : { يوم يأتي بعض آيات ربك
لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً }( الأنعام
158) ، وقبل أن تبلغ الروح الحلقوم ، فإن الله يقبل توبة العبد مالم يغرغر ، كما
أخبر بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - .






ثالثها : الإقلاع عن الذنب ، فلا يصح أن يدعي العبدُ التوبة وهو مقيم على
المعصية .






رابعها : الندم على ما كان منه ، والندم ركن التوبة الأعظم ، فقد صح عنه -
صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( الندم توبة ) أخرجه ابن ماجه .






خامسها : العزم على عدم العودة إلى الذنب في المستقبل .





سادسها : رد الحقوق إلى أصحابها والتحلل منهم ، إن كان الذنب مما يتعلق
بحقوق المخلوقين.






فحري بنا - أخي الصائم - ونحن في هذا الشهر الكريم أن نتخفف من الأوزار ،
ونقلع عن المعاصي والموبقات ، ونتوب إلى الله توبة صادقة ، وأن نجعل من رمضان
موسما لتقييم أعمالنا وتصحيح مسيرتنا ، ومحاسبة نفوسنا ، فإن وجدنا خيراً حمدنا
الله وازددنا منه ، وإن وجدنا غير ذلك تبنا إلى الله واستغفرنا منه ، وأكثرنا من
عمل الصالحات .















هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان





لم يكن حال النبي - صلى الله عليه وسلم- في رمضان كحاله في غيره من الشهور
، فقد كان برنامجه - صلى الله عليه وسلم- في هذا الشهر مليئاً بالطاعات والقربات ،
وذلك لعلمه بما لهذه الأيام والليالي من فضيلة خصها الله بها وميزها عن سائر أيام
العام ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كان قد غفر له ما تقدم من ذنبه ، إلا
أنه أشد الأمة اجتهادا في عبادة ربه وقيامه بحقه .






وسنقف في هذه السطور مع شيء من هديه عليه الصلاة والسلام في شهر رمضان
المبارك حتى يكون دافعا للهمم ومحفزاً للعزائم أن تقتدي بنبيها ، وتلتمس هديه .






فقد كان - صلى الله عليه وسلم- يكثر في هذا الشهر من أنواع العبادات ، فكان
جبريل يدارسه القرآن في رمضان ، وكان عليه الصلاة والسلام - إذا لقيه جبريل- أجود
بالخير من الريح المرسلة ، وكان أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان ، يكثر فيه من
الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن ، والصلاة والذكر والاعتكاف .






وكان يخصُّ رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور ، حتى إنه ربما
واصل الصيام يومين أو ثلاثة ليتفرغ للعبادة ، وينهى أصحابه عن الوصال ، فيقولون له
: إنك تواصل ، فيقول : ( إني لست كهيئتكم ، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني ) أخرجاه
في الصحيحين .






وكان عليه الصلاة والسلام يحث على السحور ، وصح عنه أنه قال : ( تسحروا فإن
في السحور بركة ) متفق عليه ، وكان من هديه تعجيل الفطر وتأخير السحور ، فأما
الفطر فقد ثبت عنه من قوله ومن فعله أنه كان يعجل الإفطار بعد غروب الشمس وقبل أن
يصلي المغرب ، وكان يقول ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) كما في الصحيح ،
وكان يفطر على رطبات ، فإن لم يجد فتمرات ، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء , وأما
السحور فكان يؤخره حتى ما يكون بين سحوره وبين صلاة الفجر إلا وقت يسير ، قدر ما
يقرأ الرجل خمسين آية .






وكان يدعو عند فطره بخيري الدنيا والآخرة.





وكان - صلى الله عليه وسلم- يقبل أزواجه وهو صائم ، ولا يمتنع من مباشرتهن
من غير جماع ، وربما جامع أهله بالليل فأدركه الفجر وهو جنب ، فيغتسل ويصوم ذلك
اليوم .






وكان - صلى الله عليه وسلم- لا يدع الجهاد في رمضان بل إن المعارك الكبرى
قادها - صلى الله عليه وسلم- في رمضان ومنها بدر وفتح مكة حتى سمي رمضان شهر
الجهاد .






وكان يصوم في سفره تارة ، ويفطر أخرى ، وربما خيَّر أصحابه بين الأمرين ،
وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله ، وفي صحيح مسلم عن أبي
الدرداء رضي الله عنه قال : كنا في سفر في يوم شديد الحر ، وما فينا صائم إلا رسول
الله صلى الله عليه وسلم و عبد الله بن رواحة ، وخرج عام الفتح إلى مكة في شهر
رمضان ، فصام حتى بلغ كُراع الغميم ، فصام الناس ، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى
نظر الناس إليه ، ثم شرب ، فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس قد صام ، فقال : (
أولئك العصاة أولئك العصاة ) رواه مسلم .






وكان - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه
الله عز وجل ، ليجتمع قلبه على ربه عز وجل ، وليتفرغ لذكره ومناجاته ، وفي العام
الذي قبض فيه - صلى الله عليه وسلم - اعتكف عشرين يوما .






وكان إذا دخل العشر الأواخر أحيا ليله وأيقظ أهله وشد مئزره مجتهدا ومثابرا
على العبادة والذكر .






هذا هو هديه - صلى الله عليه وسلم - ، وتلك هي طريقته وسنته ، فما أحوجنا -
أخي الصائم - إلى الاقتداء بنبينا والتأسي به في عبادته وتقربه ، والعبد وإن لم
يبلغ مبلغه ، فليقارب وليسدد ، وليعلم أن النجاة في اتباعه والسير على طريقه .












رمضان شهر القرآن











ثمة علاقة وطيدة ورباط متين بين القرآن وشهر الصيام ، تلك العلاقة التي
يشعر بها كل مسلم في قرارة نفسه مع أول يوم من أيام هذا الشهر الكريم ، فيقبل على
كتاب ربه يقرأه بشغف بالغ ، فيتدبر آياته ويتأمل قصصه وأخباره وأحكامه ، وتمتلئ
المساجد بالمصلين والتالين ، وتدوي في المآذن آيات الكتاب المبين ، معلنة للكون أن
هذا الشهر هو شهر القرآن ، قال جل وعلا : {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى
للناس وبينات من الهدى والفرقان }( البقرة:185 ) ، قال الحافظ ابن كثير : "
وكان ذلك - أي إنزال القرآن - في شهر رمضان في ليلة القدر منه ، كما قال تعالى :
{إنا أنزلناه في ليلة القدر }، وقال سبحانه :{إنا أنزلناه في ليلة مباركة } ، ثم
نزل بعده مفرقاً بحسب الوقائع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- " ، وكان
جبريل - عليه السلام - يأتي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فيدارسه القرآن كل
ليلة في رمضان - كما في الصحيحين - ، وكان يعارضه القرآن في كل عام مرة ، وفي
العام الذي توفي فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عارضه جبريل القرآن مرتين .






وكان للسلف رحمهم الله اهتمام خاص بالقرآن في هذا الشهر الكريم ، فكانوا
يخصصون جزءاً كبيراً من أوقاتهم لقراءته ، وربما تركوا مدارسة العلم من أجل أن
يتفرغوا له ، فكان عثمان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم مرة ، وكانَََ بعضهم
يختم القرآن في قيام رمضان في كل ثلاث ليال ، وبعضهم في كل سبع ، وبعضهم في كل عشر
، وكانوا يقرؤو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wagdysuliman.forumegypt.net
 
قطوف رمضانية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تواقيع رمضانية
» فضائل رمضانية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتـدى الأستاذ وجدي سليمان الصعيدي :: القسم الاسلامي :: واحة رمضان-
انتقل الى: